ليس كل تأخيرة فيها خيرة!

  • 3/5/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

«لعله خير» تقال إذا قضى الله أمرًا غير محبب للنفس، لكنه قدر محتوم. وهذا يذكرنا بقصة الملك الذي سقط في حفرة أثناء تنزهه مع وزيره فقال له الوزير «لعله خير»، سكت الملك على مضض ولسان حاله يقول: أين الخير في سقوطي!، بعدها نزف إصبعه وقطعه الأطباء فقال له الوزير مرة أخرى «لعله خير» غضب الملك فهو لم ير فيما حدث له أي خير! لكن بعد ذلك وقع في إيدي مجموعة من الوثنيين فأسروه لأنهم يريدونه قربانًا لآلهتهم، وعندما أرادوا تعليقه انتبهوا أن إصبعه مقطوع فتركوه لأنه لا يطابق مواصفات القربان، حينها أدرك الملك ثمن العبارة التي قالها له وزيره. إن هذه القصة تضرب في الإيمان بالله والثقة بأقداره، فأحيانًا ظاهر القدر شر وباطنه خير، إن عبارة «لعله خير» و«كل تأخيرة فيها خيرة» تتشابهان في رضا المستفيد بتأخر الخير ووقوع الضرر أملا في رحمة تأتي من الله، كما أنها تجري على ألسنة الناس كنوع من المواساة واستعادة الثبات عند تأخر أمر سعى إليه صاحبه وحفا من أجل تحقيقه. وهنا لا نملك إلا تأكيد الثقة بالله فعنده خير وعوض عن المفقود، لكن اسمحوا لي أن أطرح رأيًا مختلفًا، فمن غير المقبول أن يجعل بعض المتكاسلين تلك القناعة شماعة يعلقون عليها تكاسلهم وتباطؤهم عن أداء واجباتهم، فالتأخير مرفوض كسلوك يعبر عن التسويف والإهمال. قال الشاعر: قدّم لأهوال المآب متابا *** واعملْ فما التسويف منك صوابا فإلى متى والعمرُ لمحة بارقٍ *** تلهو ويوعظك النصيح فتأبى إن البعض يقلل في عينك من قيمة الإسراع في المضي، والآخر يماطل ويسوّف بحجة التأني وسعة الوقت، فيعطل مشاغلك ويؤثر على بقية خططك، فقط لأنه لا يدرك الفرق بين التهور والعزم، وبين الإرجاء والتأني، والتعويق والتسهيل، فالموظف الذي يتعذر بضيق وقت العمل ولا يتم عمله يتسبب في أضرار مادية ومعنوية باهظة لصاحب المصلحة بسبب المماطلة والكسل. إنّ كل تأخر مذموم مثلما كل إنجاز سريع محمود، فالإبطاء مرض يصيب جسم الوقت فتذهب بركته بسبب الكسول المسوّف صديق التأخير، فعليه أن يرتدع أو يتدخل النظام لردعه حفاظًا على مصالح الناس وسير عجلة التنمية، لأن الوقت حريّ به أن يقدّر لا أن يهدر.

مشاركة :