سلوك (التأخر) و(التأخير) نعيشه بيننا.. يستوطن عقولنا.. يسوقنا في كثير من التعاملات.. يكفي ترديدنا عبارة «كل تأخيرة وفيها خيرة» على مطلقها.. لـ (تأخر) وجود كبير فتداهمنا بطاقة هائلة من التخلف عن المقدمة في أمور كثيرة.. نعم نحن نتأخر في جلّ الأمور، ومعظم الأشياء.. دعونا نتأمل ذلك. عند الصلاة الكثير يتأخرون عنها فتجد من يتم صلاته أكثف من الذين بكروا.. والطلاب يحبون التأخرعن المدرسة ومبرراتهم وحكمتهم لا تؤخر عمل اليوم للغد بل أخّره للأسبوع القادم. المعاملات في كثير من الدوائر يطولها التأخر والتعطيل بحسب الأمزجة.. ومواعيد المستشفيات التي ترمى في قاع التأخير فقد يموت الميت ولا يأتي موعده. ولا ننسى مواعيدنا والتأخر فيما بيننا، فلا أظن إلا الندرة مما يأتون على مواعيدهم في وقتها.. ولا تنسوا مواعيد عرقوب أيضا. الشباب هذه الأيام تعاهدوا بالتأخر في الزواج فلا يتزوج أحدهم إلا وقد نال بعضهم عقد من الأربعين.. وحتى صبايانا بالغن بالتبرير لتأخرهن عن الزواج.. أما الأعراس لدينا ففيها فنون التأخر خصوصا أعراس النساء، فلم يعد يكفيهن التأخر إلى آخر الليل بل طال الأمر إلى الصباح وفطوره. أما رحلات الطيران فلا أظن أن هناك رحلة إلا وتأخرت فصارت عادة (خطوطية)، وخذ حركات التأخر لدى البعض والذين لا يأتون إلا وباب الطائرة سيقفل. في الاقتصاد والمال.. قروض التنمية تتأخر إلى أن يشتعل الرأس شيبا والقلب هما.. والمساكن التي وعدنا بها تأخرت كثيرا فكثرت أعداد المستحقين..وذاك الذي يستدين أو يقترض يتأخر في رد دينه وقرضه ويصل إلى الشكوى.. في المحاكم ومواعيد القضايا فالتأخر حاضر، ومصالح تتعطل وقضاياها لم تنته..أما المشاريع فلا يوجد مشروع يمكن أن ينتهي بموعده فيظن أن هناك بندا في العقود اسمه بند التأخير. ختام القول: متأكد أن لديكم الكثير من صور التأخر لتضيفوها غير ما ذكر.. فمادة (تأخر) هي فلسفة تعاشرنا لتحوّلنا إلى حالات مرتبكة في جل الأمور، فلا نتعاطى ونتفاعل ايجابيا مع أحوالنا إلا برابط من الضيق والتشتت بسبب التصاق تلك العادة..عذرا فقد تأخرت كثيرا على موعد النوم.
مشاركة :