لماذا لا نستنسخ تجربة «أرامكو»؟

  • 9/6/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

‎قبل خمسة عقود، عاد القروي إلى مسقط رأسه بعد أن أمضى سنين عمره في مكان قصي، قياسًا بوسائل المواصلات سابقًا، أعني «المنطقة الشرقية» البعيدة عن تلك القرية الريفية التي تتسنم قمم جبال السراة، وكان العائد مختلفًا عن غيره في هندامه وحديثه وسلوكه، يقابل بالسخرية حين يربط الحزام أثناء القيادة، ينام مبكرًا وينهض كذلك، وحين يجيء الحديث يقولون: تربى في «أرامكو». نلحظ أن هذا السلوك الإيجابي في ربط حزام الأمان لم يكن مألوفًا آنذاك، سلوك مكتسب من البيئة التي عاش بها، إذ إنها بيئة عملية تثمن الوقت وتنمي التفكير وتهذب النفس، هذا التغيير جاء نتيجة محاكاة زملائه في العمل ونتيجة الأنظمة والقوانين المطبقة على الجميع رئيسًا ومرؤوسًا، فضلًا عن التعليم والتدريب المستمرين، فتشكل هذا السلوك الذي يحترم قيمة الوقت واحترام العمل. هنا نقف احترامًا لـ«أرامكو» التي بنت الإنسان واحترمت قيمته ونمت قدراته، وهيأت له فرص العمل بما يتناسب مع مواهبه وأعطته الفرصة، لأن يواصل دراساته في أرقى الجامعات العالمية، ليعود برؤى وفكر يزيد من إنتاجيته في العمل. وحين نقارن شركة ضخمة مثل أرامكو التي أسهمت في بناء الإنسان بصفته الأس في بناء الحضارة، وبين مؤسسات حكومية أخرى، نلحظ الفارق كبيرًا والبون شاسعًا، إذا يعشش الخمول والكسل وإهدار الوقت، فضلًا عن الغبن بوصول من لا يستحق نتيجة العواطف وليس بناءً على الكفاءة، وكل ذلك له نتائج سلبية تعمق الاتكالية وكثرة الغياب وتقديم التبريرات غير الحقيقية والنتيجة ضعف العمل ونقص  الإنتاجية. «أرامكو» لم تتوقف عند تلك المزايا التي ذكرناها، بل تجاوزت ذلك بكثير، بتأمين السكن المريح والمدارس الراقية لأبنائهم والتأمين الصحي، وهنا يتفرغ الموظف للعمل بكل جد وإخلاص. الذي أتمناه أن تنقل تجربة «أرامكو» لكل المؤسسات الحكومية، فالتجربة واضح نجاحها ومتميز أداؤها، إذ إن المقياس الحقيقي للنجاح هو جودة المنتج.

مشاركة :