بعد مرور مدة من الزمن على حادثة تفجير منشأة «نطنز» النووية الإيرانية، تمخضت التحقيقات المزعومة، عن أن ذلك التفجير عمل إرهابي داخلي، وكانت وكالات الأنباء العالمية، وإيران نفسها -في البداية- قد تكهنت وذكرت أن تلك الحادثة ربما تكون عملا عدوانيا أمريكيا أو إسرائيليا سيبرانيا، قام به عملاء مجندون من قبل الدولتين. المشجبان اللتان تعلق عليهما نكباتها، وكنوع من التغطية على فشل أمنها الذي تزعم أنه غير قابل للاختراق، لم يسع العمائم الإيرانية الحاكمة إلا أن تقول: إنها لا تريد أن تستعجل النتائج بإعلان الجهة المنفذة لذلك التفجير، وأن على العالم أن يمنحها وقتا لإظهار الحقيقة، وإيضاح من وراء الحادث. ومرت الأيام والمجتمع الدولي يترقب حقيقة ما وعدت به السلطات الإيرانية لتتمخض النتائج -حسب زعمهم- بأن التفجير عمل إرهابي داخلي، وليس لأي جهة خارجية علاقة به. إيران التي «أدوشت» أسماع العالم بضجيجها، وزعمها أنها دولة تستطيع الوقوف إلى جانب القوى العظمى بـ«طراطيعها» الباليستية، وأبحاثها النووية المحاصرة، والمهددة دوليا، وباعتداءاتها، ومناوراتها العسكرية، وزعم تحكمها في الممرات البحرية الدولية، وتغذيتها لأذرعها في سوريا، ولبنان، وحوثيي اليمن، ومليشياتها في العراق، نسيت أن إلقاء لوم تفجير «نطنز» على جهات داخلية هو إساءة إلى قدراتها الأمنية المتضخمة، التي تمكنت جهة ما اختراقها سواء كانت داخلية أو خارجية، هذا أولا. وثانيا: أن هذا التفجير ما هو إلا رسالة من الشعب الإيراني المقهور، والمغلوب على أمره، الذي ضاق ذرعا بممارسات الفئة التي بددت ثرواته وضحت بأبنائه، الذين لا يكاد يمر يوم إلا ودماؤهم تخضب بحمرتها أخبار وكالات الأنباء، ونشرات وسائل الإعلام العالمية المختلفة. فهل بلغ الأمر بعمائم إيران أن يخونها ذكاؤها في أن حادثة «نطنز» وما أعقبها من حرائق وتفجيرات متتالية، وما سبق ذلك من مظاهرات عارمة، أزهقت فيها نفوس الكثير من أبناء الشعب الإيراني، ما هي إلا انتفاضات متعاقبة للمارد الشعبي الإيراني، ستؤتي ثمارها مهما طال الزمن، وتنوعت وسائل القمع وجبروت الحرس الثوري الذي قد ينقلب في يوم من الأيام ضد الطغيان؟.
مشاركة :