اللحوم المسمومة!

  • 9/21/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

معضلة تعدد الفتاوى لن تحل. وأن تلزم وزارة الشؤون الإسلامية الأئمة والخطباء بعدم الإفتاء فإن قرارها لن يجدي. فإمام كل مسجد هو مفتي الحي والموجه والمرشد للأهالي بغض النظر أكان راسخ العلم أو غير ذلك. ومن الأسباب التي جعلت القرار صعب التنفيذ أن الوزارة لن تستطيع متابعة كل إمام وتمنعه من الفتوى، وكيف ستفعل أو تتصرف - الوزارة - حيال خطب الجمع التي لا تخلو أي خطبة من فتوى بشكل أو بآخر. ولأن حال بعض أئمة المساجد مجذوب نحو ما يطفو على السطح تجدهم ميالين لاتباع المشهور من الفتوى مع إهمال الاختلافات الفقهية في المسائل التي يتحدثون عنها وهم بهذا الانجذاب أصبحوا - أيضا - مرددين لما يدور من مساجلات فكرية أو إعلامية على صفحات الجرائد أو مواقع التواصل، وهنا تأتي خطورة ما يقال في المسجد، وكان من الأولى على وزارة الشؤون الإسلامية منع نقل السجالات المثارة في الإعلام إلى داخل المسجد.. فمع كل اختلاف فكري بين تيارات المجتمع المتعددة نجد صداه يردد من خلال حناجر بعض الأئمة والخطباء ليس لعرض ما يقال أو التقريب بين الأطياف المختلفة وإنما شحن المجتمع بعداء غير طبيعي ضد الآراء المخالفة وتصنيف أصحابها أنهم أعداء الإسلام وأنهم هم العاملون على محاربة الله ورسوله. هذا الشحن المتواصل ضد المفكرين والمثقفين من أجل التفريق بين فئات المجتمع يجب الاحتراز منه، وكما يقولون إن (لحوم العلماء مسمومة) فكذلك (لحوم المفكرين مسمومة) إن كان القصد (من تلك الجملة الشهيرة) هو خلق حصانة لفئة دون أخرى تحرزا لها من ألسنة العامة، وبنفس القياس تكون للمفكرين حصانة من انقياد العامة لما يسمعونه من خطب ذم وقدح لهؤلاء المفكرين. وكان على وزارة الشؤون الإسلامية إصدار قرار يمنع تأليب المجتمع بعضه على بعض من خلال الانتصار لفئة على بقية فئات المجتمع. وإلى الآن - ومنذ سنوات متعاقبة - لم يتم التنبه أن من يحضر صلاة الجمعة فئات متعلمة مختلفة الثقافات (بعض المصلين أساتذة جامعات وباحثون وعلماء)، بينما قد يكون الإمام أقل علما من المأمومين وتجد خطبته متواضعة القيمة والفائدة، فيشرق فيها ويغرب من غير أن يصل بخطبته إلى هدف يرضي من حضر تلك الخطبة والرضا هنا هو إشباع المستمع بآراء مقدرة. فليت وزارة الشؤون الإسلامية تهتم بإيضاح هذه الحقيقة للأئمة وأن تقوم هي بتسخير أئمة أكفاء على الأقل في بعض المساجد ذات الحضور المكثف.

مشاركة :