تعددت ردود الأفعال على تغريدة رئيس هيئة الأدب والترجمة الدكتور محمد حسن علوان عن (تجاوز الكاتبات الروائيات السعوديات ولأول مرة ما كتبه أقرانهن الرجال في عام 2020).وفتحت باب جدل حول جدارة المنتج الأدبي ومن له الحق في توصيفه وتصنيفه ليمكن إجراء إحصائيات دقيقة ومنضبطة، ولم تكن تغريدة علوان اجتهادية ولا انطباعية، بل اعتمد على تقرير الحالة الثقافية في المملكة، الذي انبنى على توصيف الناشر للكتاب بأنه رواية دون فحص المحتوى والتأكد لأي جنس أدبي ينتمي.ويحمّل الببلوغرافي خالد أحمد اليوسف بعض دور النشر مسؤولية تزايد أعمال نسائية لا تنتمي لجنس الرواية فنياً بحكم أن المؤلفة تدفع التكلفة، لافتاً إلى خطورة تغليب المكسب المادي على الإبداع والفنية اللازمة للسرد، وتحفظ على قبول بعض الكاتبات بنعت كتاباتهم بالرواية، رغم أنها تدور في فلك خواطر ووجدانيات وسيرة حياتية، وتطلّع لوقفة نقدية جادة للفرز ولتجاوز الانسياق وراء التعداد الرقمي دون التفات للمحتوى، مشيراً إلى الأثر السلبي التراكمي على الناشر المستخف بشروط وضوابط العمل الأدبي، وذهب اليوسف إلى أن العبرة ليست بالأرقام كونها تسبب أحياناً تشويشاً وضبابية.فيما عد القاص حسن آل عامر ضعف الحركة النقدية المواكبة لما يطرح من أعمال أدبية في المملكة ومعظم الدول العربية، ممهداً لجرأة كل من يريد وضع اسمه في خانة الروائيين ولو لم يكن يملك أي تجربة كتابية. وأضاف، الأعجب أن تجد من يصدر ما يوصف بـ«رواية» وهو لم يكتب قصة ولم يكتب مقالا متين البناء في حياته، ثم يقفز فجأة إلى مركب الروائيين، بمجرد أن وجد وقتا لكتابة ذكريات طفولته وشبابه، ما دفع بعض المتقاعدين وبعض السيدات ممن لم يمارسوا الفعل الكتابي بأي شكل إلى الانضمام بالخواطر لصف الروائيين.وعزا وفرة الأعمال للكاتبات إلى عدم وجود ضوابط فنية لدى الكثير من دور النشر العربية باعتبارها مطابع تجارية، تقوم بطباعة كل ما يقدم لها دون تقييم، ولا تفرّق بين طباعة بروشور دعائي وعمل إبداعي، وتطلّع إلى تفادي الجهات الثقافية الرسمية المنزلق ولا تقع في فخ الأرقام وكأنما هي بذاتها منجز، وأكد أن المنجز يتمثل في القيمة الفنية لما ينشر، على أن تكون هناك ضوابط فنية من جهة اعتبارية تصنف العمل قبل نشره دون تحسس أو تبرم أو اعتباره من الوصاية الفكرية، كون الغاية رفع المستوى الفني لما ينتج باسم الوطن.ويرى القاص ظافر الجبيري أن عنوان (المرأة تجاوزت شقيقها الرجل)، عنوان لافت، خصوصاً عندما تفوّقت بنحو 50 رواية، وتخطت منجز الكاتب في المملكة. وتساءل الجبيري: هل يمكن القول إنها سعت لذلك؟، وكيف علمت بما أنتجه الجنس الآخر لتتقدم عليه؟، هل الأمور مصادفة؟، أم عملية إحصائية وكفى!؟، وهل نختصر بالقول: لكل مجتهد نصيب؟، ألم تكن نُذُر التفوّق تلوح بدءًا من عام 2018 عندما تساوت الكفّتان بـ75 رواية لكل منها؟، هل نقول هي أرقام وحسب!؟، والعدّ في الليمون كما يقول المثل، أم تفوّق يحسب للمرحلة وتحُوطه الرؤية، وبالتالي فنحن أمام طفرة جديدة. ويجيب «إن كان الأمر مكسبا فلا بد من وضعه في سياقه بحثا عن الجديد في ما وراء أغلفة الأعمال الرواية الجديدة».ويرى إن كان النظر للمعادلة من زاوية البُعد الرقمي، فهو مؤشر على حالة ثقافية مؤدّاها تقدّمُ المرأة إلى المزيد من الكتابة والتعبير عن الراهن والطموح للأفضل، ولكن هل نتجاهل الجودة، ونحن نتحدث عن الكم؟ وأضاف، إن فعلنا، فإننا سنبدو كمن يرحب بالكم على حساب النوع! أما إن عمِلنا على النقد والغربلة والبحث عن العمل الجيد، فيمكن أن نطوّر الكتابة ونقدّم للكاتبات والكتاب على السواء ما يحقق لمنجزهما التجاوزَ والإضافة والإفادة من تقنيات الكتابة التي تحقق المطلوب بوضع التجارب الجديدة على أول الطريق.وتطلّع شأن غيره من المتابعين للمشهد الأدبي والحال هذه إلى أن تُنتج المرحلةُ نقاداً جادّين ودارسين متمكّنين ومتجاوزين لمسألة (الجندر) إلى ما يكفل للمشهد الثقافي التقدّم الحقيقيّ. ولم ينف أن كتّابًا جيّدين وكاتباتٍ مبدعات يكتبون باحتراف بعيدا عن لغة الأرقام، إلا أن ربط الحدث بالظروف السائدة له آثار واضحة على الحياة عموما وعلى الكتابة الروائية خصوصا. ويرى أن العنوان الأبرز لكورونا وتبعاتها بدأ بفقد أحباب وحَجْر آخرين، وما صاحب التداعيات من حالات تأملية وانعكاسات على المشهد الأدبي، ما جعل عام 2020 هو عام الاستثناءات.< Previous PageNext Page >
مشاركة :