تسارع إصابات كورونا يجدد المخاوف من تباطؤ وتيرة تعافي الطلب العالمي على النفط

  • 4/19/2021
  • 23:45
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع جديد بسبب تسارع الإصابات الجديدة بوباء كورونا، خاصة في الهند، التي تمثل ثالث أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم، إضافة إلى عدة دول أخرى، ما جدد حالة المخاوف من عودة تباطؤ وتيرة تعافي الطلب العالمي على النفط الخام والوقود. وتتلقى الأسعار في المقابل دعما من انتشار توزيع لقاحات كورونا ومن قيود الإنتاج المشددة، التي تنفذها مجموعة "أوبك+" على مدار الشهر الجاري، بينما تستعد لزيادات تدريجية في شهور الصيف المقبلة بنحو مليوني برميل يوميا بحلول يوليو المقبل، وتوجه الزيادات في الأساس لتلبية الطلب المحلي نتيجة ارتفاع الاستهلاك صيفا في دول "أوبك" في الأساس. ويقول لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون: إن تعثر الطلب يقلق الصناعة بشكل عام، ويهدد بتفاقم جديد في تخمة مخزون النفط الخام، التي سجلت بالفعل مستويات غير مسبوقة منذ اندلاع جائحة كورونا في العام الماضي، لافتين إلى أن الفترة الماضية هيمن فيها الارتفاع على السوق بسبب قيود الإمدادات وانتشار لقاحات كورونا، ولكن المكاسب جاءت قياسية بما أزعج المستهلكين وفي الوقت نفسه دعم موازنات المنتجين. وأوضح المختصون أن جميع أطراف الصناعة على قناعة تامة بضرورة استمرار عملية إعادة التوازن للسوق النفطية، لافتين إلى توقعات لمجموعة "سيتي جروب" الدولية، تشير إلى أن تعافي الطلب بشكل أكبر سيؤدي إلى انخفاض المخزونات العالمية بمعدل 2.2 مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام الجاري، ما يدفع خام برنت إلى 74 دولارا للبرميل أو حتى أعلى. وفي هذا الإطار، يقول روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية: إن الإصابات الجديدة والمتسارعة في الهند، وهي أسرع الاقتصادات الآسيوية نموا واعتمادا على الطاقة التقليدية أدى إلى هبوط الأسعار بشكل ملموس في مستهل تعاملات الأسبوع، ولكن على الأرجح ستستمر الأسعار في التقلب خلال الأسبوع الجاري، حيث تتلقى دعما من انتشار اللقاحات وقيود العرض في دول "أوبك+". وأوضح أن "أوبك+" تبذل جهودا حثيثة لإعادة التوازن إلى السوق عن طريق حجب أكثر من سبعة ملايين برميل يوميا من طاقتها الإنتاجية، وهذه القيود تساعد بالتوازي مع انتعاش الطلب، خاصة على الوقود في إعادة التوازن والاستقرار إلى السوق، مشيرا إلى أن دول الاستهلاك ما زالت غير راضية عن مستوى الأسعار، وتحث نحو توجيه مزيد من الإمدادات للسوق لخفض معدل التضخم لديها وتقليل تكلفة الطاقة. ويرى، ألكسندر بوجل المستشار في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية، أن جهود "أوبك+" تستهدف في الأساس عودة مخزونات النفط التجارية في منظمة التعاون والتنمية إلى متوسط خمسة أعوام، وهو الهدف الذي يقترب من التحقق بفضل قيود الإنتاج ونسبة الامتثال المرتفعة واستمرار حث بعض المنتجين على إجراء التعويضات اللازمة في خفض الإنتاج. وأشار إلى أن هذا الفائض قد يتجدد تبعا لتطورات وضع السوق، وفي ضوء تفاعلات العرض والطلب المتغيرة، مشيرا إلى أن علاج الفائض العالمي في الإمدادات ليس مهمة سهلة، وقد يستغرق بعض الوقت خاصة مع عودة مجموعة "أوبك+" إلى ضخ بعض الإمدادات المتوقفة وأيضا التحديات المقابلة المتعلقة بالطلب وأبرزها في الوقت الراهن تفشي فيروسات جديدة في الهند والبرازيل، ما يعطل كثيرا من جهود إنعاش الطلب العالمي. ومن ناحيته، يقول لوكاس بيرتريهر، المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز: إن وكالة الطاقة الدولية قدمت رؤية إيجابية متفائلة لوضع السوق خلال الفترة المقبلة، حيث رجحت استمرار تقلص المعروض وعدم العودة إلى حالة تخمة الإمدادات، وذلك في ضوء قيود "أوبك+"، ومن خلال حذر المنتجين الأمريكيين من العودة إلى أنشطة الحفر الوفيرة. وأضاف أن عمليات الإغلاق العام الممتدة في عديد من الدول خاصة في الاتحاد الأوروبي ألحقت ضررا فادحا بمستويات الطلب العالمي على الوقود 20 في المائة، ولكن من المتوقع أن ينتعش الطلب مجددا في شهور الصيف المقبلة، التي يرتفع فيها الاستهلاك في دول "أوبك" علاوة على موسم القيادة في الولايات المتحدة، ما يبشر باستمرار السحب من المخزونات بوتيرة سريعة، وذلك بعدما سجلت أخيرا أدنى مستوياتها في الساحل الشرقي الأمريكي في 30 عاما على الأقل. وتشير نايلا هنجستلر، مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إلى أن تحالف "أوبك+" يسجل نجاحات متوالية، وهو يضم 23 دولة منتجة بقيادة السعودية وروسيا، وقد برز هذا النجاح قبل عام عندما خفض التحالف الإنتاج بمقدار عشرة ملايين برميل يوميا في شباط (أبريل) من العام الماضي- ما يقرب من 10 في المائة، من الإمدادات العالمية – لافتة إلى أن التحالف يستعد في الشهر المقبل لإعادة بعض البراميل المتوقفة بشكل تدريجي، وبما يلائم احتياجات المستهلكين ويناسب وتيرة تعافي الطلب. وأشارت إلى أن تحالف "أوبك+" لا تحركه المصالح الضيقة، ولا يهدف إلى مكاسب سعرية فورية، وإنما يسعى إلى توازن واستقرار مستدام في السوق النفطية، ما جعله يأخذ في الحسبان شكوى الهند - وهي مستورد رئيس وأحد محاور الطلب العالمي - حيث أعربت عن صعوبات اقتصادية ومالية تواجهها نتيجة عودة الأسعار إلى الارتفاع وأضيف إليها أخيرا تجدد أزمة الوباء. ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، نزلت أسعار النفط أمس، إذ أثارت زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا في الهند ودول أخرى مخاوف من إجراءات أقوى لاحتواء الجائحة تؤثر في النشاط الاقتصادي والطلب على السلع الأساسية مثل الخام. وتراجع خام برنت 23 سنتا بما يعادل 0.3 في المائة إلى 66.54 دولار للبرميل بحلول الساعة 04:26 بتوقيت جرينتش بعد ارتفاعه 6 في المائة الأسبوع الماضي. وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 27 سنتا أو 0.2 في المائة إلى 62.96 دولار للبرميل بعد صعود 6.4 في المائة الأسبوع الماضي. وقالت "إيه.إن.زد ريسيرش" في تقرير أمس: "التقدم على صعيد حملات التطعيم باللقاحات في الأسواق المتقدمة يمكن رؤيته في مستويات حركة المرور على الطرق، غير أن ارتفاع وتيرة عدد حالات الإصابة قلب مسار التعافي في الدول الناشئة" مثل: الهند والبرازيل. وسجلت الهند زيادة قياسية في حالات الإصابة بفيروس كورونا، التي بلغت 273 ألفا و810 اليوم، ما يرفع إجمالي الإصابات لما يزيد قليلا على 15 مليونا، ما يجعلها ثاني أكثر بلدان العلم تضررا بعد الولايات المتحدة، التي سجلت أكثر من 31 مليون إصابة. وارتفع عدد حالات الوفاة بكوفيد - 19 في الهند بمستوى غير مسبوق بلغ 1619 إلى نحو 180 ألفا. وقالت السلطات في هونج كونج الأحد في بيان: إن البلاد ستوقف حركة الرحلات الجوية من الهند وباكستان والفلبين من 20 نيسان (أبريل) بسبب ورود حالات إصابة بفيروس كورونا منها. وخلص استطلاع رأي شهري أجرته "رويترز" إلى أن الشركات اليابانية تعتقد أن ثالث أكبر اقتصاد في العالم سيشهد جولة رابعة من الإصابات بفيروس كورونا، فيما يستعد كثير منها لمزيد من تضرر النشاط. وحالات الإصابة بكوفيد - 19 في اليابان أقل منها بكثير في عديد من الاقتصادات الكبرى الأخرى، لكن ردود الشركات في الاستطلاع أفادت بأن المخاوف من موجة جديدة من الإصابات تتنامى سريعا. وقال بعض الشركات في الاستطلاع: إن بطء نشاط توزيع اللقاحات، مقارنة به في باقي الدول الأخرى بمجموعة السبع للدول المتقدمة وعدم الشعور بالأزمة لدى العامة سيتسببان في موجة جديدة من الإصابات. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 65.21 دولار للبرميل الجمعة مقابل 64.48 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" الإثنين: إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق خامس ارتفاع له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو أربعة دولارات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي والذي سجلت فيه 61.12 دولار للبرميل.

مشاركة :