في هذا اليوم الوطني، نجدنا فيه أكثر وحدة. صامدون ضد كل ما يثير الفتنة بيننا، نجد جنودنا في كل مكان، نجدهم في الغرب في خدمة وحماية حجاج بيت الله، وعلى الحد الجنوبي يذودون عن الوطن بأرواحهم، ومتأهبين في الشمال والشرق، ساهرين في الداخل من أجل حماية الأمن ومحاربة الإرهابيين ومطاردتهم وإحباط مخططاتهم. أعداء الوطن احتاروا كيف يخترقون كل هذا، يحاولون بيأس، كلما زاد أملهم قصفناه كما قصفت طائراتنا بحزم أوهام الحوثي وأتباعه ومموليه وداعميه. بفضل الله ثم بفضل جنودنا الأبطال الذين ضحوا بحياتهم من أجل أمننا، تجدنا ولله الحمد نمارس حياتنا بهدوء وبأمان، ننام ونحن مطمئنين بأن العدو لا يستطيع أن يدخل شبرا واحدا داخل حدودنا. نحن السعوديين نختلف في المذاهب، في الفكر، والتوجهات، والآراء ولكن نتفق جميعا على وحدة الوطن، ولا نساوم على أمنه واستقراره. ننتقد أوجه القصور في المؤسسات والقطاعات الحكومية، نتحدث بحدة عن أزمة السكن، نبحث عن أوجه الفساد ونكشفها. ننتقد إشكالات التعليم والصحة في الصباح والمساء. ننتقد كل ما يؤثر على مصلحة الوطن ومستقبله، ولكننا نفعل ذلك من أجل وطن ننعم جميعا به، ومن أجل الحفاظ على مستقبله ووحدته. العمليات الإرهابية التي قام بها أعداء الوطن في مساجد إخوتنا الشيعة، في مسجد الإمام علي ببلدة القديح في صلاة الجمعة، وجامع الإمام الحسين بحي العنود بمدنية الدمام، بهدف إثارة الطائفية بيننا لم تنجح، لسبب بسيط وهو أننا سنة وشيعة نرى أن الوطن لا يمكن المزايدة عليه، ولأننا نعلم الهدف وراء مثل هذه العمليات الإرهابية. تفجيرهم لمسجد قوات الطوارئ في عسير يجعلنا نتأكد أن هدفهم الرئيس ليس الشيعة ولا رجال الأمن، بل إثارة الفتنة في كل شبر من الأرض السعودية، ولكن في كل محاولة منهم نجعلهم يكتشفون بأن هذا الطريق غير ممكن، وذلك بردة فعلنا الإيجابية المحبطة لهم، وبوعينا وكشفنا أهداف عملياتهم التي يكفينا أنهم فعلوها في مساجد الله بهدف سياسي بحت، والدين والإنسانية بريئان منهم ومن سفكهم دماء الساجدين لله. رغم كل الأزمات التي مرت بها المملكة إلا أنها، ولله الحمد، تتمتع بوضع سياسي واقتصادي مستقر، ونملك أكبر احتياطي للبترول في العالم وسادس احتياطي غاز وأكبر مصدر للنفط الخام والمرتبة التاسعة عشر بين أكبر اقتصادات العالم وخامس أكبر المساهمين في صندوق النقد الدولي، ومن القوى المؤثرة سياسيا واقتصاديا في العالم، لمكانتها الإسلامية وثروتها الاقتصادية وقدرتها على التحكم في أسعار النفط وإمداداته لكل دول العالم. ورغم كل هذا ما زلنا نطمح للأفضل، ولذلك نجد سياسة الحكومة تتجه نحو الاستثمار في الشباب عبر برامج التدريب والتعليم داخل الجامعات السعودية والابتعاث إلى كثير من الدول مثل الصين واليابان وكوريا وكندا وأستراليا وأميركا وبريطانيا وغيرها، لنهل أهم العلوم الهندسية والصحية والإدارية والقانونية، من أجل أن يكون الوطن بالنسبة لنا فعلا كثيرا وقليلا من الكلام. لا نريد أن يكون حبنا للوطن مجرد كلمات نعبر بها، بل نريده فعلا. الطالب الذي يجتهد في تحصيل العلم ويكون جادا في البحوث والاستكشاف هو أكثر من يخدم وطنه، والموظف الذي يبدع في عمله هو أكثر حبا لوطنه من شخص يتغنى بحب الوطن ثم يقصر في عمله مهما صغر حجمه. الوطن؛ شراكة كبيرة بيننا، كلما طورنا من أنفسنا كلما كبر بنا الوطن وعظم. الوطن هو نحن جميعا، لا يمكن أن يتطور طالما نحن لم نطور من أنفسنا، من علمنا وصناعتنا وثقافتنا. يجب علينا جميعا، كلٌّ في موقعه مهما كان بسيطا، أن يستشعر المسؤولية بأن عمله المتقن والمستمر في التطوير هو صناعة لوطن قليل الكلام كثير الأفعال.
مشاركة :