كان خبر وفاة رئيس الاتحاد أحمد مسعود صباح أمس الخميس في تركيا بمثابة الفاجعة بالنسبة للرياضيين في المملكة، إذ غادر الرجل المحبوب من كل الرياضيين هذه الدنيا بهدوء مثلما عاش فيها بعيداً عن المشكلات والصدامات مع أي طرف إن داخل المحيط الاتحادي أو خارجه. وقع الخبر كان مؤثراً وقوياً ليس على أسرة الراحل ولا على الاتحاديين وحسب، بل على كل الرياضيين، ذلك أن الرياضة السعودية فقدت شخصية قيادية داعمة مؤثرة، بل وملهمة لمن أراد أن يعمل وينجز بعيداً عن افتعال الأزمات وفرد العضلات. للرئيس الاتحادي الذهبي أحمد مسعود منهجه الخاص في الإدارة الرياضية، فهو قليل الكلام وكثير الأفعال، ويرفض استغلال أزمات ناديه الطاحنة للانتقاص من أي شخصية أخرى، إذ قبل بالمهمة وقدم مهر رئاسة العميد وبدأ العمل في كل الاتجاهات لإسعاد جمهور النادي العريق. اتسم نهجه بصفات عدة، أهمها قربه من كل الأمور التي تخص النادي الكبير، والفريق الأول تحديداً، كان متواجداً في النادي منذ استلم قيادته يواجه المصاعب ويحل المشكلة تلو الأخرى، من دون ضجيج، لأنه لا يحب نفسه بقدر حبه للنادي، جدد عقود عدد من اللاعبين وقلص الديون، واستطاع الفريق الاستفادة من عناصره الجديدة، أنهى التعاقد مع رباعي أجنبي ينتظر أن يقدم الكثير للاتحاد، وجلب المدرب التشيلي سييرا الذي يملك سيرة ذاتية رائعة، وعلى الرغم من كل العراقيل والمطبات، لم يخرج الرئيس الذي كان يقاتل بصمت متذمراً أو شاكياً، ولم يُسقط على من سبقوه على الرغم من التركة الثقيلة، واستعان بعدد من الأسماء الإدارية والشرفية الداعمة التي ساعدتها على إيقاف النادي الكبير على قدميه. كان قريباً من اللاعبين يعاملهم كأب، فالصور تنقل لنا يومياً ما يدل على وجود كيمياء بينه وبين كل من حوله، وآخر تلك الصور مشاركته اللاعبين في حصة التدريب التي احتضنها النادي الصحي في مقر المعسكر الاتحادي في تركيا. أحمد مسعود ليس اسماً طارئاً على المشهد الرياضي، فمعه عاد الاتحاد منافساً شرساً على البطولات أواخر القرن الماضي، واستحق أن يكون الرئيس الذهبي قبل أن يترجل ويترك الرئاسة ويحتفظ بعلاقات رائعة مع جميع الاتحاديين والإدارات التي أعقبت رحيله آنذاك وحتى عاد في وقت كان يحتاج فيه العميد لشخص يعشق النادي ويحب جماهيره، وينكر ذاته ويرفض التحزب. إنها مسيرة رائعة، يستحق الفقيد من خلالها أن يكون قدوة لكل رؤساء الأندية، إذ رحل القيادي المحنك وترك خلفة مسيرة ذهبية وسمعة حسنة، فالاتحاديون ليسوا وحدهم من سيفتقد الراحل أحمد مسعود، بل كل الرياضيين المهتمين بالجوانب الإنسانية والاجتماعية، فقد عرف عن الراحل اهتمامه بالجوانب الخيرية وهو الذي كان رئيساً لجمعية البر في جدة وعضواً في جمعيتها العمومية حتى فارق الحياة.
مشاركة :