دكتورة / بسمان الموسوي : ” الإعلام الإذاعي و الذوق العام للجمهور “

  • 4/21/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نحن موفقون حين نلاحظ أن الإعلام الإذاعي قد نهض نهضة قيمة ، و أصبح أداة صالحة للتعبير عن حاجة العقل و الشعور بعد أن تطور العقل و الشعور في هذا العصر . و نحن موفقون أيضا حين نرى أن بعض الأذاعات قد أستطاعت أن تتمايز بأساليب تقديمها و آرائها ، و قد وفقت و أجتهدت في عرضها حتى أصبحت أداة صالحة للتعبير عن الجمهور بمرونة و جدة ، و أستطاعت أن تفرض نفسها على الناس فرضا بكل الرضا و الأمل ، و الحق أن أسباب نجاحها كانت رهينة بالتعاون مع جمهور المستمعين و أبرع ما فيها كان تعبيرها عن الفرح و الحزن في حماس الوعي المعبر عن تطلعات و أحتياجات الشعب و آلامه بصراحة و شجاعة و لباقة بصورة بسيطة يسيرة و بصيغة محببة إلى الناس مؤثرة فيهم ، فلم لا يحبوها الناس و هم يستمتعون بالأستماع إليها فهي بمثابة مرآة صافية وضيئة نقية تعكس ما في نفوسهم من آمال و طموحات فهم يرون فيها العقلية التي تفكر ، و تعرف كيف تعلن تفكيرها للناس . و تتحدث إليهم بالحديث الذي يملؤه الحب و الروعة ، تلائم مزاجهم المضطرب المحزون حينا و المبتهج المسرور حينا آخر متأثرة بالظروف المختلفة التي تحيط بهم و التي يعملون فيها . فنراها تسلط الضوء على خواطرهم و آرائهم و المعاني المتباينة في حياتهم . فكان لكل هذا أثر قوي في نجاح الأعلام الأذاعي و من الحق على الأذاعيين أن يعرفوا ما للجمهور عليهم من فضل ، فلولا الجمهور ما عرفوا النجاح ، و أنا أؤمن بأن ليس للجمال الفني حد و إنما هو مثل أعلى يمضي أمامنا و نسعى نحن في أثره فنبلغ منه شيئا ثم نخشى أن ما بلغناه ليس كل شيء . و في واقع الحال قد نجد رؤية الذوق العام للجمال الفني الأذاعي تختلف قربا و بعدا ، و تتفاوت قوة و ضعفا بأختلاف الجنسيات و البيئات و المعتقدات و الثقافات و العصور . و هو يتشكل في كل جيل بالشكل الذي يلائمه و يتصور في كل بيئة بالصورة التي تناسبه ، و هو من هذه الناحية مصدر وحدة و فرقة للأنسانية : مصدر وحدة لأنه واحد يجمع الناس مهما يختلفوا على الأعجاب بما يقدم في الأعلام الأذاعي بوعي أعلامي سليم . و مصدر فرقة لأن له من أشكال الأجيال و البيئات و الأفكار و الآراء المختلفة ما ينوعه و يتخيل إليك أنه كثير . و في المرحلة الراهنة نجد أن الجمهور قد أصبح لا يقدر الأعلام الأذاعي إلا إذا قدم له مع البرامج السياسية برامج في العلم و الفلسفة و الأدب و الموسيقى و الفن . و هناك من يؤيد القديم و هناك من يؤيد الجديد ، و مع ذلك فمن الخير أن نتعرف طبيعة الجمهور و مزاجهم الفني . فالناس يخطئون حين يظنون أن أبناء الجيل الجديد لايرون لذة الأعجاب الفني إلا في الجديد ، و هم مخطئون أيضا حين يرون أن أبناء القديم لا يجدون اللذة إلا في الأستماع الى كل ما هو جديد ، فأنا من أصحاب الجديد و من أشدهم إلحاحا في تأييده و الدعوة إليه ، و لكني على ذلك أجد في الأستماع إلى القديم لذة لا يعد لها لذة و متاعا ليس يشبهه متاع ، ذلك لأن القديم و الجديد يستمدا جمالهما الفني من الروح الخالد الذي يتردد في طبقات الأنسانية كلها . و ليس من شك في أن للأعلام الأذاعي دوره البارز في حياتنا الأجتماعية اليومية و قد أستطاع أن يتصل أتصالا قويا بالذوق العام للجمهور و أنا واثقة بأنه سيرتقي و يتقدم دائما بخطى ثابتة نحو الأفضل .

مشاركة :