لهذا العيد طعم آخر. طعم مُرّ ربّما، لكنه مجبول بطعم الفخر والنبل والشهامة، طعم التضحية والوفاء. العيد آت لينشر الفرح، يطرق كل الأبواب بلا استثناء. يعرف أن في القلوب حزناً كبيراً، ويعرف أن الحزن سبقه بأيام وحلّ على الوطن الحبيب بأكمله قاطفاً أجمل زهوره، وباقة من شبابه. لكنه سيطرق الأبواب لتُفتح له على مصاريعها فيعبق منها عطر الإيمان آتياً من بيوت تربّت على المحبة، والصبر، تعرف كيف تعضّ على الجراح لتسعد كل من حولها.. بيوت أعطت للوطن الكثير وضحّت بأسمى معاني التضحيات. العيد هنا، نستقبله برجاء أن يكون ختام الأحزان. نمدّ الأيادي لنصافح ونهنئ، وفي القلوب صفاء وفي النفوس طهر لا يعرف العداء. الشوارع والأماكن تبتهج كي تشكل لوحة بهية جميلة، ترسم صورة لوطن يزداد شموخاً مع كل غصّة، ومع كل امتحان صعب. وطن يطوي أحزانه تحت جناحيه ويبتسم، يحمل الراحلين في قلبه ويحتضنهم بالدفء ليناموا بأمان.. يبتسم لزواره، يداعب صغاره، ويكمل المسير مع الحياة. في هذا العيد نعرف المعنى الحقيقي للتضحية، وكل منا يضحي بما يستطيع. نتشارك في المأكل والملبس وفي الهدايا والتهاني، لكن التضحية الأغلى تنبع من القلب، من قطعة من الذات، من عفو عند المقدرة، من نوايا صافية، من محبة تشرق في العيون، تنير النفوس، تريح الضمير، وتمنح الإحساس بالراحة والسكينة. أن تقاوم الحزن فلا ينعكس على كل من حولك ولا يؤثر في سير حياتك إلا بالخير.. أن تقاوم اليأس بالأمل والإيمان.. أن تحتضن أهل بيتك بالحنان وتنشر الفرح بدل أن تكتفي بتلقي الكلمات والتفرج على العيد يمر من أمامك كأنه زائر مؤقت يحط قليلاً ثم يرحل من دون أن يترك في نفسك وبيتك شيئاً.. أن تعيش العيد بحق.. أن تكون أنت أحد أوجه العيد فيرى فيك أهل بيتك البهجة وكل أسباب السعادة.. أن تشعّ منك طاقة إيجابية يلتقطها كل فرد تلتقيه وتحملها إلى جيرانك وزملائك.. أن تطرد الملل والضجر والمشاكل فتعتزل الوحدة لتلتقي كل الأحبة.. العيد أن تكون أنت قطعة من فرحه وصورة لبهجته لا يمحوها النسيان، وتبقى خالدة في ذاكرة كل من يعرفونك، فيأتي كل عيد وأنت في البال، وأنت شعلة تضيء نفسها من أجل إسعاد من حولها.. وأن تكون أنت والعيد فرحة كل عام. noorlmahmoud17@gmail.com
مشاركة :