هل انتهت أزمة فيروس كورونا لدى دور السلع الفاخرة الفرنسية ؟ عادت مبيعات "إل في إم أش" و"إرميس" و"كيرينغ" إلى مستويات ما قبل الوباء وتجاوزتها في الربع الأول، ويعود ذلك بصورة أساسية إلى الانتعاش في آسيا والولايات المتحدة. وكانت مجموعة "إل في إم أش" التي تتبوأ مركز الصدارة عالمياً في هذا القطاع السباقة إلى إعلان قيمة مبيعاتها التي بلغت 14 مليار يورو، متجاوزة ما حققته عام 2019 بنسبة 8 في المئة. وتلتها مجموعة "كيرينغ" التي تضم ماركات على غرار "غوتشي" و"إيف سان لوران" و"بوشرون" وسواها، وقد حققت مبيعات بقيمة 3,89 مليارات، اي بزيادة 5,5 في المئة عن نتائج 2019. أما مبيعات مجموعة "إرميس" فبلغت 2,1 مليار يورو، اي أن زيادتها وصلت إلى 33 في المئة مقارنة بعام 2019. وأكد الرئيس التنفيذي لـ"إل في إم أش" برنار أرنو خلال الاجتماع العام للمجموعة التي تضم 75 داراً بينها "لوي فويتون" و"ديور" وسواهما أن الأزمات تجعل المجموعة "أقوى". وقال مدير محفظة "إل في إم أش" في شركة فلورنوا وشركاؤها أرنو كادار لوكالة فرانس برس "كان من الصعب تخيل أن نحقق لدى عودتنا نتائج افضل من 2019" بدءاً من الفصل الأول من السنة. ولا تزال اسواق آسيا التي ساهمت في تخفيف حدة التراجع في العام 2020 قوة دافعة، إذ حققت مبيعات "إل في إم أش" فيها ارتفاعا بنسبة 86 في المئة مقارنة بالعام 2020، في حين بلغت زيادة مبيعات مجموعة "كيرينغ" 83 في المئة و"إرميس" 94 في المئة. ولاحظ أرنو كادار ان " الاقتصاد عاود الانطلاق بدينامية قوية جداً وكأن الزبائن ارادوا شراء المنتجات الفاخرة من باب الانتقام" من مرحلة الجائحة. وتميز هذا الفصل من السنة أيضاً بانتعاش السوق الأميركية، إذ زادت مبيعات "كيرينغ" فيها بنسبة 46 في المئة، وحققت "إل في إم أش" و"إرميس" نمواً قدره 23 في المئة. وأفاد أرنو كادار أن الزبون الأميركي اقبل على الشراء، وأن الاستهلاك في الولايات المتحدة بدا "قوياً جداً في الفصل الأول". وأوضح المحلل الاقتصادي في "سيتي غروب" توما شوفيه أن "دعم الحكومات الأميركية والأوروبية للاقتصاد والأسر كان له تأثير نفسي وفّر نوعا من الثقة للمستهلكين". ورأى كادار أن "سوق الأسهم تشهد أعلى مستوياتها، وهذا عامل مساعد". وأضاف أن "الإنفاق على السلع الفاخرة في الولايات المتحدة هو نتيجة مباشرة لوضع السوق المالية، ويعكس ثقة المستهلك". -تراجع لستة أشهر فقط - واشار توما شوفيه إلى أن "الحركة في القطاع السياحي توجّهت الى السوق المحلية" في ظل عدم تمكن المستهلكين من السفر، ملاحظاً ان "طلباً قوياً للغاية" سُجّل في الصين وكذلك في الولايات المتحدة. اما السوق الثالثة، فهي السوق الأوروبية التي فاجأت الجميع بمقاومتها رغم الموجات المتلاحقة من القيود الصحية. وأوضح أرنو كادار أن "الدينامية القوية للزبائن المحليين حلّت محلّ استهلاك السياح". وبرز عامل ايضا بحسب شوفيه هو "الانتقال إلى شراء المنتجات الفاخرة في غياب الإنفاق على السفر والمطاعم والأنشطة الثقافية التي كان يستحيل القيام بها". واضاف "لاحظنا هذا الاتجاه فعليا في الفصل الثاني من العام 2020". وأكد أرنو كادار أن هذه الأزمة أظهرت قدرة قطاع العلامات التجارية للسلع الفاخرة على الاستمرار "بصرف النظر عن نشاط السوق السياحية"، مع أن "الأمر لم يكن كذلك دائماً"، على قوله. وتمثلت المفاجأة الأخرى في أن تراجع الطلب لم يدم "سوى ستة أشهر" خلال هذه الأزمة، رغم كون انخفاض المبيعات في الأزمات السابقة كان يمتد فصولاً عدة، كما في أزمتي 2001 إلى 2003 و2008 إلى 2009. ويعود نجاح المجموعات الفرنسية العملاقة الثلاث الى مواجهتها الأزمة من موقع قوة، إذ "بذلت جهودًا كبيرة خلال السنوات الخمس الأخيرة سواءً على صعيد المنتجات أو الجانب التواصلي أو حجم الإنتاج أو التوزيع عبر الإنترنت"، بحسب أرنو كادار. في المقابل، "عانت العلامات التجارية الصغيرة إلى حد ما" خلال الجائحة بفعل "ازدياد قدرة العلامات الكبرى على الاستقطاب"، وفق شوفيه. واضاف أن "العلامات التجارية الكلاسيكية والتاريخية كانت المفضلة" خلال الأزمة، معتبراً أن "شراء منتج فاخر هو بمثابة استثمار ايضاً".
مشاركة :