صدرت عن «تريندز للبحوث والاستشارات» مؤخراً دراسة تحت عنوان: «المؤسسات الفعالة كمحرك للاقتصادات الناشئة: حالة أفريقيا جنوب الصحراء»، وتؤكد الدراسة أن الافتقار إلى مؤسسات اقتصادية وسياسية قوية وفعالة يقف وراء الأزمات والتحديات البنيوية التي تواجه الاقتصادات الناشئة منذ عقود. كما أن غياب هذه المؤسسات يقف عقبة أمام النمو والتنمية المستدامة، ويوفر بيئة يتمكَّن فيها الفساد وانعدام الكفاءة والأنشطة الريعية، كما يمكنها تهميش قطاعات اقتصادية معينة وخنقها؛ ما يؤدي إلى انتشار الأسواق السوداء والقطاعات غير الرسمية التي تمثل تحديات وأزمات لهذه الاقتصادات. وتشير الدراسة إلى أنه عندما تكون المؤسسات الاقتصادية شاملة، فإنها تمكِّن من وجود خيارات اقتصادية مفتوحة ومتاحة للجميع، كما أن المؤسسات الفعالة والهادفة ستكون عاملاً حيوياً لتحقيق جميع الأهداف في الاقتصادات الناشئة وعلى مستوى العالم، بدلاً من أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة. لقد أثبت وباء كوفيد 19 ضرورة أن تكون المؤسسات مستعدة وملتزمة وفعالة بما يكفي لكي تحقق أهدافها وتصمد أمام الظروف غير المتوقعة التي ربما تتطلب أساليب عمل غير تقليدية. ومع أن المؤسسات ليست الدواء الناجع لجميع الأمراض ولا هي الحل الأوحد للقضايا التنموية، فإنها عندما تعمل جدّياً من أجل الصالح العام، فستكون المجتمعات أفضل حالاً وستتحرَّك القاطرة الاقتصادية بسلاسة. وتطرح الدراسة مجموعة من التوصيات من شأنها تفعيل دور المؤسسات كمحرك للنمو في الاقتصادات الناشئة؛ وأبرزها: أن تكون المصارف المركزية واللجان المستقلة وأجهزة مكافحة الفساد والمحاكم مستقلة استقلالاً حقيقياً عن الحكومة (التنفيذية) من أجل تمكينها من تنفيذ ما يوكل إليها من مهام بفاعلية من دون تدخل أو تهديد. والعمل على استمرارية السياسات والقوانين بدلاً من تغييرها المتكرر؛ لأن الاستمرارية ستسمح بالالتزام بأهداف محددة، وبالشفافية، والمساءلة أمام الجمهور. وبالتفكير المستقبلي البعيد المدى، بصرف النظر عن رئيس المؤسسة أو الحزب الحاكم. كما يجب أن تقدّم المؤسسات الاقتصادية حوافز للشركات الصغيرة والمتوسطة وللاقتصاد بأكمله من خلال توفير بيئات مواتية لمزاولة الأعمال، بحيث تكون خالية من التعقيدات البيروقراطية، وتقلبات الاستثمار، والرسوم الخفية، والضرائب الباهظة، والحواجز المرهقة التي تعترض دخول السوق. وتخلص الدراسة إلى أن الاقتصادات الناشئة، التي تسعى بجدّية إلى بناء مؤسسات اقتصادية وسياسية قوية وشاملة وفعالة، تجد نفسها في وضع أفضل يمكِّنها من تعزيز النمو والتنمية على المدى الطويل، غير أن القيام بذلك يتطلب من الدول أولاً أن تعرف نقاط ضعف مؤسساتها وعدم كفاءتها وتُقر بذلك قبل أن تتمكن من البدء في معالجتها على نحو شامل؛ وهذا بدوره يتطلب ما هو أكثر من «الإرادة السياسية» إلى تفعيل دور المؤسسات، وخاصة المعنية بالشفافية والتصدي للفساد والحوكمة. تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :