كُلٌّ ذليلٌ لمولاه | حسن ناصرالظاهري

  • 9/25/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

وودّعت الحجاج بيت ربها وكلّهم تجري من الحزن عيناه كل عام وأنتم بخير.. وبلّغكم الله حج بيته الحرام سنوات عديدة. كان المشهد الذي نقلته معظم قنوات التلفزيون العربية والإسلامية ليوم عرفة بالغ التأثير في أنفس المسلمين، الذين لم يُحالفهم الحظ لأداء هذه الشعيرة، وسط تلك الأجواء الآمنة، والتسهيلات التي حرصت الدولة على تقديمها لضيوف بيت الله الحرام، وضيوف مسجد رسوله صلى الله عليه وسلم، ولقد انتابتني نفس المشاعر التي جاشت في وجدان شاعرنا الكبير -المرحوم بإذن الله- طاهر زمخشري، وجعلته يصيغ أروع قصائده في هذه الشعيرة وهو في غربته، دفعه حنينه لهذه الأرض الطيبة، وهو يصغي لـ»التلبية» من خلال المذياع، وكانت بعنوان (المروتين)، قال في مطلعها: أهيم بروحي على الرابية وعند المطاف وفي المروتين وأهفو إلى ذكر غالية لدى البيت والخيف والأخشبين أمرّغ خدي ببطحائه وألمس منه الثرى باليدين! هذه المشاعر الصادقة لا يمكن أن يشعر بها سوى مَن حلّت عليه هذه المناسبة وهو سجين الغربة، ولامست جوارحه تلبية تلك الجموع التي أتت من كل فجٍّ عميق، ينشدون التوبة والمغفرة، وهم يعلمون بأنهم سيعودون إلى ديارهم وقد غفر الله لهم ذنوبهم، ما تقدَّم منها وما تأخَّر. لم يعد الحج مشقة كما كان من قبل، حيثُ تيسّرت مسالكه بفضل وسائل المواصلات الحديثة، كالسيارات والطائرات والقطارات، كما لم تعد طُرقه محفوفة بالمخاطر كما كانت من قبل، فقد عمَّ الأمن كل ربوع هذه البلاد؛ التي شرفها الله بوجود بيته الحرام، ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم. الشعور بالراحة والفرحة لدى الحاج عقب أدائه لفريضته؛ لا تُعادلها فرحة في دنياه، لعلمه بأنه عاد كيوم ولدته أمه، بصفحة نقية، ومرضي عنه، ووجدتُ أن الشاعر (ابن الأمير الصنعاني) وُفق كثيرًا في وصف رحلته للحج في قصيدة طويلة له، أقتطف منها هذه الأبيات: وصرنا كأموات لففنا جسومنا بأكفاننا كل ذليل لمولاه لعل يرى ذل العبد وكسرهم فيرحمهم رب يرجون رحماه ينادونه لبيك لبيك ذا العلا وسعديك كل الشرك عنك نفيناه فلو كنت يا هذا تشاهد حالهم لأبكاك ذاك الحال في حال مرآه وجوههم غبر وشعث رؤوسهم فلا رأس إلا للإله كشفناه! أسأل الله أن يتقبل من الجميع حجهم، ويعيدهم إلى أوطانهم سالمين غانمين. hnalharby@gmail.com

مشاركة :