الباحة.. شاهدة على تطور الحضارة العمرانية للإنسان

  • 4/27/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تعد منطقة الباحة واحدة من المناطق والمدن العديدة التي تحمل إرثا كبيرا من فن العمارة القديمة، الذي يبرز في قراها المتناثرة في أنحاء المنطقة، حيث روعي في تصميم مبانيها السكنية وقلاعها وحصونها أن تتكيف مع الظروف البيئية كالتضاريس والمناخ، وأن تتلاءم مع الظروف الاجتماعية كالعادات والتقاليد العربية القديمة. ومن أهم ما يميز تلك العمارة القديمة هو اعتمادها على الطبيعة دونما سواها، حيث يبنى البيت من الأحجار والأشجار التي تُجلب من مختلف أنحاء المنطقة، وعادة ما تكون من صخور الجرانيت والبازلت التي تزين بأحجار المرو، فيما يسقف البيت بأشجار العرعر التي تُغطى بالطين. وقال أستاذ التصميم العمراني بجامعة الباحة الدكتور عبدالعزيز بن أحمد حنش، إن بناء الإنسان في منطقة الباحة يعد أحد أهم الشواهد على الحضارة العمرانية التي تعكس التطور الحاصل عبر الزمان لهذا المكان، فعمارة الباحة التقليدية وتراثها العمراني يعد أحد أهم المرتكزات والمزايا النسبية التي تميز بها المنطقة، حيث تزخر بالعديد من الآثار التاريخية سواء في قطاع السراة أو تهامة والتي تحظى باهتمام الدولة لتطوير السياحة بالباحة وجعلها مقصداً صيفياً بالإضافة لتنمية السياحة الشتوية. وأشار إلى أن النسيج العمراني في قرى الباحة قديماً متضام بسبب طبيعة المواد المستخدمة للبناء، ولتوفير مساحة أكبر من الأراضي للزراعة ولتعزيز النواحي الأمنية في القرى، فالمباني متلاصقة والشوارع ضيقة مع وجود ساحة في منتصف هذه المساكن لتؤدي العديد من الوظائف الاجتماعية والمعيشية، أما بالنسبة للمباني فهي عالية وقليلة الفتحات واستُخدمت الكتل الحجرية المحلية والمنتقاة بعناية لبناء المباني، كما استخدمت الأشجار المحلية كالعرعر والسدر والطلح والزيتون البري في الأسقف والأعمدة الخشبية والأبواب، وهناك ثلاثة عناصر رئيسة يُشار إليها عند الحديث عن التراث المعماري في المنطقة وهي الحصون، والمساجد، والمساكن، حيث هناك أكثر من 4000 حصن منتشرة في العديد من المواقع بمنطقة الباحة، وعادة ما تتشابه في تصميمها وطرق بنائها، وبعض المصادر تقول إنه لم يتبق سوى قرابة الـ200 منها. وأضاف الدكتور عبدالعزيز أن الحصون تمتاز بدقة البناء ومتانته واستقامة الأركان وذات ارتفاعات مختلفة، ويتم تحديد ارتفاع هذه الحصون بناء على مواقعها فما كان في السهل منها يبلغ ارتفاعه 20م وما كان في الجبل فحوالي 10 أمتار، وبعض هذه الحصون يعود بناؤها إلى ما قبل 600 سنه تقريباً، وتبنى هذه الحصون باستخدام الحجارة "مداميك" ويكون المسقط الأفقي للحصون عادة في منطقة الباحة على شكل مربع، ويكون متسعًا عند قاعدته ويأخذ في التناقص كلما ارتفع، ففي قمة الحصن هناك بروز يكون مماثلاً للقاعدة عادة، ويُزين بأحجار المرو، وعادة تأخذ الشكل المثلث، وفي أعلى الحصن يكون هناك فتحات صغيرة للمراقبة فترة الحروب، وتتكون هذه الحصون من 3 إلى 4 طوابق، وبها مدخل رئيس وسلالم داخلية من الحجارة مثبتة في الحوائط لكي يصعد منها إلى أعلى الحصن، وقلة من الحصون أخذت الشكل الأسطواني، ومن أشهرها حصون الباحة حصن الأخوين بقرية الملد، وحصون قرية حزنة ببني كبير، وحصن خيبر في دوس، وحصن قصر العيينة في الأطاولة، وغيرها من الحصون المنتشرة في المنطقة، كما تم تصنيف هذه الحصون إلى ثلاثة تصنيفات طبقاً لما تقوم به من أدوار حصون إستراتيجية، وتكون في وسط القرية وبارتفاعات عالية، وحصون المراقبة وتكون على أطراف القرى وذات ارتفاع يصل إلى 10 أمتار، وحصون المحاصيل الزراعية وتكون صغيرة نوعا ما وبارتفاع 3 أمتار. وكما أشار أستاذ التصميم العمراني بجامعة الباحة أن هناك العديد من المواقع الأثرية في المنطقة، والتي تمتاز بجودة بنائها وحسن مظهرها والدقة في استقامة جدرانها وزواياها وجمال نوافذها وأبوابها، وتعد قرية ذي عين أبرزها بالإضافة إلى الخلف والخليف التاريخية وقرية الملد وقرية بني سار الأثرية والتي يوجد بها أحد أهم المعالم وهو قصر بن رقوش التاريخي، وكذلك قرية الأطاولة، ولعل أهم ما يميز هذه القرى التراثية إبداع المعمار في بنائها من الحجر، فجدران المباني في المنطقة من الأحجار المحلية الصلبة، والتي يصل سمكها للمتر وقد يزيد بحسب ارتفاع المبنى. وهناك تقنيات مختلفة تستخدم لرص المداميك بحسب أحجام الحجارة وألوانها في بعض الأحيان، كما أن الأعمدة الخشبية الزافر أو المرزح وهو غني بالزخارف والنقوش المنحوتة في الخشب يبرز دورها في حمل الأسقف بجانب الحوائط في حال وجود فراغ كبير مثل المجالس والمساجد وكذلك في بعض الشرفات والمظلات. حصن الباحة عبدالعزيز بن أحمد حنش

مشاركة :