مفكرون خالدون|| إمام عبدالفتاح إمام بين الاستبداد والديمقراطية

  • 4/28/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أكاديمي ومترجم مصري، تخصص في الفلسفة والعلوم الإنسانية، واشتهر بترجمته لأعمال الفيلسوف الألماني هيجل إلى العربية. إنه إمام عبد الفتاح إمام (١٩٣٤ - ١٨ يونيو ٢٠١٩)، وهو أبرز تلاميذ أستاذ الفلسفة الدكتور زكي نجيب محمود، وأحد من تولوا التعليق على فكره في الفكر العربي المعاصر. لهُ مساهمات فكرية في الأوساط الثقافية المصرية، وقدَّم إلى المجتمع الثقافي عددا من المترجمين والباحثين. يمكن إيجاز أهم آرائه السياسية على النحو التالي: أن الحكم لا يستقيم أبدًا طالما تداخلت معه أمور من قبيل (الدولة الدينية، والمستبد العادل...الخ) ضرورة الفصل التام بين السياسة والأخلاق، فلكل منهما مضماره، وهذا ما خصص له كتاب "الأخلاق والسلطة". إن التاريخ الإسلامي قد حفل بمفارقات فساد السلطة، وهذا ما قام بمناقشته في كتاب "الطاغية"، وقد أثار الكتاب اهتماما واسعًا في الأوساط الثقافية العربية لما يحتويه من تحليل متعمق وموضوعي لتجارب الطغيان في العالم العربي. إن مناقب الحكم في الوطن العربي أساسها هو عزوف الشعوب عن المطالبة بحقوقها إما عن جهل (ومنشأ ذلك عدم شيوع التفكير لدى غالبية أفراد الأمة) أو عن يأس (ومنشأ ذلك أيضا هو عدم تدبر الشعوب العربية للتاريخ السياسي للأمة ذاتها أو لأمم العالم الغربي). لا سبيل للتقدم العلمي أو الاجتماعي أو الإنساني في الوطن العربي سوي بتربية أجيال قادرة على التفكير النقدي ومتمكنة من أدوات العقل وقد خصص لمناقشة هذا كتاب "مدخل إلى الفلسفة" وكتيب "الفلسفة". ويضع الدكتور إمام عبدالفتاح إمام اهتماما واضحا لفكرة الديمقراطية والاستبداد، وكان ذلك واضحا في كتابه الأشهر الطاغية وكتاب السياسة والأخلاق دراسة في فلسفة الحكم ويبرر اهتمامه بذلك فيقول: لأن هذا الاستبداد والديكتاتورية هي سبب تخلفنا وأنا أؤمن إيمانا كاملا مع جان جاك روسو القائل "عندي أن كل شيء يرتد في النهاية إلى سياسة"، ويقول الدكتور إمام عبد الفتاح إمام إن كتاب الطاغية أخذت في كتابته سنوات طوال ولولا ظروف العالم العربي ما كان لهذا الكتاب أن يخرج إلى النور لأنه جاء عقب حرب الخليج الأولى، وأنا كنت أيامها في الكويت وأهل الكويت فرحوا به لأنني كنت أعطي أمثلة بصدام وهو الوحيد الذي بإمكاني أن تتوفر لدي حرية نقده. ونقرأ في كتابه "الطاغية.. دراسة فلسفية لصور الاستبداد السياسي"، حيث يستهل كتابه بإهداء قال فيه: "إلى الذين يعانون من ظلم الطغيان ووطأة الاستبداد ويتوقون إلى الخلاص.. إلى الذين يشعرون أن الحرية هي ماهية الإنسان، إذا فقدها، فقد وجوده معها.. إلى الذين يؤمنون أن أحدا منا ليس معصوما من الخطأ، ومن ثم يتقبلون الرأي الآخر برحابة صدر وسعة أفق". في مقدمة الكتاب يؤكد د. إمام أنه ما لم يحصل المواطن على حقوقه السياسية كاملة غير منقوصة، وعلى نحو طبيعي، فلا تكون منة أو هبة، أو منحة من أحد، بل يعترف المجتمع أن للفرد حقوقه الطبيعية وكرامته، بل قداسته من حيث هو إنسان فحسب، بغض النظر عن أي شيء آخر مما يحيط به سوى أنه إنسان، فلا شأن لدرجة الفقر أو نوع العمل الذي يؤديه أو جنسه ذكرا أو أنثى، أو ظروفه الأسرية- لا شأن لهذه الأمور كلها بأن يكون لكل فرد من الناس إنسانيته الكاملة التي يعترف بها مجتمعه على نحو طبيعي، بحيث ينحل الصراع بين السيد والعبد الذي أشار اليه هيجل، من تلقاء ذاته، فيعامل على أنه غاية في ذاته وليس وسيلة لشيء آخر، "أقول إنه ما لم ينل المواطن حقوقه كاملة: حقه في الحياة الآمنة، وفي أن يملك، وفي أن يعتنق ما يشاء من آراء وأن يفكر ويعبر عن أفكاره بحرية وأن يعمل العمل الذي يهواه وأن يشارك مشاركة فعالة في حكم نفسه عن طريق المجالس النيابية.. الخ، فلن يؤدي واجباته على نحو طبيعي- أعني بالتزام داخلي ينبع من ذاته، بل سيؤدي ما يؤديه منها بسبب الخوف من العقاب "والخوف هو المبدأ الذي يرتكز عليه حكم الطغيان والاستبداد كما أشار مونتسكيو" بحيث تظهر كل الرذائل في سلوكه إذا أمن شر العقاب: فلا مانع من أن يكذب، ويسرق وينافق ويغش ويخون.. الخ كلما سنحت له الفرصة!.

مشاركة :