تشهد طرابلس كبرى مدن شمال لبنان مجموعة مبادرات فردية وجماعية كانت قد انطلقت مع بداية شهر رمضان بهدف التصدي للواقع المعيشي الصعب الذي تعاني منه المدينة الساحلية المصنفة من منظمات دولية ومحلية بأنها من بين أكثر المدن فقرا على ساحل البحر المتوسط. ويعيش في طرابلس وفق إحصاءات غير رسمية قرابة مليون شخص بينهم فقراء ونازحون سوريون ولاجئون فلسطينيون يقيمون في أحزمة بؤس ومساكن عشوائية تحيط بالمدينة. وقد تضاعفت معاناة أهالي المدينة في الأونة الاخيرة بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية التي تعصف بلبنان والتي كان لها تداعيات كبيرة على المدينة الواقعة بين سندان ارتفاع منسوب البطالة في صفوف الشباب ومطرقة زيادة عدد الأسر الفقيرة وما بينهما من أزمات ناتجة عن تراجع الدخل الفردي لدى البعض من 5 دولارات في اليوم قبل الأزمة منذ عامين إلى نحو دولارين. وتشكل المساعدات الإنسانية التي تقدمها مؤسسات وجمعيات دولية وعربية ومحلية للنازحين السوريين وللبنانيين الفقراء الرئة التي تتنفس منها طرابلس وتمنحها القدرة على مواجهة ظروف الحياة القاهرة التي كانت دفعت بعض العائلات لمحاولة الهجرة غير الشرعية بحرا إلى قبرص حيث لقي البعض منهم حتفه غرقا ، فيما أعادت السلطات القبرصية آخرين إلى لبنان. وكان من المتوقع للازمات المعيشية والاقتصادية أن تتضاعف مع بداية شهر رمضان، نظرا لما يترتب على العائلات من نفقات إضافية وسط الارتفاع المضطرد في أسعار المواد الغذائية والخضار والفواكه واللحوم. ووسط هذا الواقع المزري شقت مبادرات خيرة طريقها لإسعاف المحتاجين أطلقتها مجموعات شبابية وجمعيات محلية يتلقى بعضها دعما من لبنانيين مغتربين، وتركزت هذه المبادرات على تقديم مساعدات مالية وتوزيع حصص المواد الغذائية أو تأمين وجبات الإفطار الجاهزة ، بالإضافة إلى توفير الخبز والخضار واللحوم. وقال سالم العتري أحد الناشطين الاجتماعيين في "باب الرمل" أحد أحياء طرابلس الفقيرة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن مجموعة من الشبان في الحي ومتطوعين من خارجه عملوا على إنشاء مطبخ لتأمين طعام الإفطار للعائلات الفقيرة . وأضاف "نحصل على تبرعات من متمولين في طرابلس ومن مغتربين لبنانيين في دول الخليج وأستراليا ، ونقوم يوميا بطهي الطعام وتوضيبه لنحو 4 آلاف شخص لتسليمه قبل موعد الإفطار، حيث يحضر البعض لتسلمه مباشرة من المطبخ فيما نقوم بتلسيم البعض الآخر إلى المنازل". وعلى مسافة غير بعيدة عن حي "باب الرمل" أقام خالد المحمد أحد أبناء محلة الأسواق القديمة في منزله مطبخا مجهزا بالمواقد والأفران لإعداد وجبات الإفطار لتوزيعها على الفي عائلة لا يملك بعضها ثمن شراء الخبز على حد قوله. وقال المحمد لـ ((شينخوا)) إنه يعمل ومجموعة من المتطوعين الشباب والشابات على إعداد وجبات الإفطار بفضل تبرعات المحسنين من أبناء المدينة في لبنان وخارجه . بدورها تقوم الناشطة رلى الرفاعي بتوزيع وجبات الإفطار في عربة "تيك توك"، حيث تختار كل يوم حيا من أحياء المدينة الفقيرة لايصال الطعام إلى من يحتاجه. وقالت رلى الرفاعي لـ ((شينخوا)) "نحضر الطعام في مطبخ يعمل به متطوعون ومتطوعات، ثم نوضبه في علب وننطلق إلى الأحياء الأكثر فقرا بدل تحميل المحتاجين عناء التوجه إلى مطبخنا". وتشهد المبادرات الكثيرة التي تضج بها المدينة اهتماما واسعا من المغتربين الكثر من أبناء المدينة الذين يتابعونها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعمل المجموعات من المتطوعين ويتواصلون مع المنظمين لدعم مبادراتهم. وقال الناشط زهير العلي لـ ((شينخوا)) "تلقينا تبرعات من مغتربين وقمنا بتوزيعها بالدولار الأمريكي مباشرة إلى المحتاجين لإسعافهم في شراء مواد غذائية إضافة إلى أسطوانات وقود الغاز المنزلي". من جانبه أوضح رئيس بلدية طرابلس رياض يمق لـ ((شينخوا)) أن البلدية ونحو 65 جمعية محلية يعملون في مشروع لتوزيع التبرعات بآلاف حصص المواد الغذائية للتخفيف من الأعباء على المواطنين. ويواجه لبنان أزمات سياسية اقتصادية ومالية ومعيشية متشابكة أدت إلى ارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50 في المائة وإلى تفاقم البطالة والتضخم المالي وانهيار العملة المحلية والقدرة الشرائية وسط تراجع متسارع في احتياطي النقد الأجنبي منذ أكتوبر 2019 مع تجميد المصارف للسحوبات النقدية بالدولار الأمريكي وتقييدها بالعملة المحلية
مشاركة :