تحليل إخباري: تأجيل الانتخابات العامة يهدد النظام السياسي الفلسطيني بدخول نفق مظلم

  • 4/30/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

اعتبر مراقبون فلسطينيون أن قرار تأجيل الانتخابات العامة التي طال انتظارها لأكثر من 15 عاما، يهدد النظام السياسي الفلسطيني بالدخول إلى نفق مظلم وتكريس الانقسام الداخلي. ويرى المراقبون في تصريحات لوكالة أنباء (شينخوا)، أن تأجيل الانتخابات رغم وجاهة دوافعه السياسية يشكل خيبة أمل للشارع الفلسطيني الذي راهن على إجراء الانتخابات أملا في توحيد مؤسساته وتعزيز وضعه الداخلي. وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء اليوم (الخميس) تأجيل الانتخابات الفلسطينية العامة المقررة ابتداء من مايو المقبل حتى إشعار أخر لحين ضمان إجرائها في شرق القدس. وقال عباس في بيان تلاه عقب اجتماع للقيادة الفلسطينية ضم أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح في مدينة رام الله، إن الاجتماع أكد أن إجراء الانتخابات يجب أن يشمل كل الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس ترشيحا وتصويتا ودعاية انتخابية. وأضاف "بذلنا جهودا كبيرة مع المجتمع الدولي من أجل إلزام دولة الاحتلال (إسرائيل) بعقد الانتخابات في القدس ولكن هذه المساعي قوبلت بالرفض حتى الآن". وكان من المقرر إجراء انتخابات تشريعية فلسطينية في 22 مايو المقبل، تتبعها انتخابات رئاسية في 31 يوليو المقبل، على أن تتبع بانتخابات لتشكيل المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية في 31 أغسطس المقبل. ولم يجر الفلسطينيون أي انتخابات عامة منذ عام 2006 فيما ظل الرأي العام الفلسطيني يضغط بشدة من أجل إجرائها لتجديد المؤسسات الفلسطينية وإنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ منتصف عام 2007. -- دوافع سياسية -- يرى المحلل السياسي من رام الله عبد المجيد سويلم أن قرار تأجيل الانتخابات دوافعه سياسة بحتة للتأكيد على التمسك الفلسطيني بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة. ويعتبر سويلم أن قرار التأجيل تم اتخاذه بعد دراسة مستفيضة من القيادة الفلسطينية "من أجل تحسين الضغط الفلسطيني باتجاه عقد الانتخابات لاحقا بصورة مشرفة له وطنيا خصوصا فيما يتعلق بمسألة القدس". ويشير إلى أن القيادة الفلسطينية سعت عبر ربط الانتخابات بإجرائها في شرق القدس إلى فرض أجندتها السياسية وكسر موقف إسرائيل باعتبار القدس عاصمة موحدة لها. ويعتقد سويلم أن التمسك بإجراء الانتخابات في القدس فرض أمرا واقعا سياسيا جديدا على المجتمع الدولي وإسرائيل بإعادة ملف المدينة المقدسة إلى واجهة القضية الفلسطينية. وتمثل القدس التي احتلت إسرائيل الجزء الشرقي منها عام 1967، أحد أكثر الملفات حساسية بالنسبة للفلسطينيين ولا تسمح إسرائيل للسلطة الفلسطينية إجمالا بالقيام بأنشطة في شرق القدس علما أنه وفق بروتوكولات اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير وإسرائيل، يسمح للفلسطينيين في شرق القدس بالانتخاب في مقرات البريد الإسرائيلية في المدينة. وتصدر ملف القدس الحراك السياسي الفلسطيني على مدار أسابيع في ظل المطالب بضرورة سماح إسرائيل بإجراء الانتخابات التشريعية في شرق القدس كجزء من باقي الأراضي الفلسطينية. واشتكى الفلسطينيون من منع إسرائيل أي تجمعات انتخابية في شرق القدس واحتجاز عددا من المرشحين لدى محاولاتهم عقد مؤتمرات في داخل المدينة. وترى أوساط سياسية فلسطينية أن الإصرار على إجراء الانتخابات بمشاركة نحو 400 ألف فلسطيني يقطنون في القدس له دلالات سياسة هامة بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالمدينة عاصمة موحدة لإسرائيل نهاية عام 2017. وكان المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون بار صرح خلال اجتماع مع دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي قبل أيام، أن الانتخابات "قضية فلسطينية داخلية، وليست لدى إسرائيل نية للتدخل فيها أو منعها"، من دون تحديد موقف بشأن شرق القدس. -- مخاطر تأجيل الانتخابات -- يعتقد المحلل السياسي هاني موسى أن تأجيل الانتخابات يهدد بإبقاء الحالة الفلسطينية متعثرة والنظام السياسي الفلسطيني في حالة ركود ودخول إلى نفق مظلم في ظل افتقاد تجديد الشرعية. ويعتبر موسى أن التراجع عن الالتزام بإجراء الانتخابات التي طالها انتظارها من الفلسطينيين سيضعف قدرة النظام السياسي الحاصلة أصلا بشأن القدرة على إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي. ويشدد موسى على أن استمرار تعطيل الانتخابات يبقي المؤسسات الفلسطينية بدون إعادة تفعيل وفي واقع من الركود وبالتالي إضعاف الموقف السياسي الفلسطيني إقليميا ودوليا. ورفضت حركة حماس وغالبية القوائم المستقلة المترشحة للانتخابات التشريعية، بشكل مسبق قرار تأجيل الانتخابات وطالبت بالالتزام بإجرائها وفق المواعيد المحددة. ويؤكد المحلل السياسي من رام الله أحمد رفيق عوض أن غياب التوافق الوطني على قرار تأجيل الانتخابات يهدد الحالة الفلسطينية بحالة فراغ سياسي فضلا عن العودة لمربع الانقسام والذهاب للانفصال. ويقول عوض إن "تأجيل الانتخابات يلحق أذى وتشوه في صورة النظام الفلسطيني ويضعف ما يحظى به من احترام ومصداقية سواء أمام الرأي العام الفلسطيني أو أمام المجتمع الدولي". ويضيف أن الأخطر في "تأجيل الانتخابات يهدد كذلك بتوتر أمني ميداني مع إسرائيل وحالة فوضى قد تعم بكل المقاييس بالاشتباك الداخلي الفلسطيني والاشتباك الخارجي مع إسرائيل في نفس اللحظة". -- غياب الاستحقاق -- يبرز أستاذ العلوم السياسية في الضفة الغربية عبد الرحمن الحاج إبراهيم أن الانتخابات استحقاق قانوني ووطني كان يتوجب الالتزام بإجرائها فيما تأجيلها يتسبب بخيبة أمل كبيرة لدى الشارع الفلسطيني. ويحذر الحاج إبراهيم من أن تأجيل الانتخابات قد يجابه بحالة غضب واسعة لدى الشارع الفلسطيني وهو أمر من الممكن أن ينقلب ضد السلطة الفلسطينية والمزيد من إضعاف شعبيتها. كما يتوقع أن تأجيل الانتخابات سيزيد من تكريس الانقسام الداخلي "لأن الآمال انعقدت بتحقيق مصالحة فعلية من بوابة تجديد شرعيات الهيئات الرسمية وكله ذهب أدراج الرياح". وبخلاف المعلن إزاء ملف القدس، يعتبر الحاج إبراهيم أن الانقسام داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) هو السبب الرئيسي لتأجيل الانتخابات بسبب مخاوفها من تراجع مكانتها في ظل تعدد قوائمها. وتعد حركة فتح الحزب الحاكم والمهيمن على السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها عام 1994، واعتبر معارضون لها أنها اتخذت ملف القدس ذريعة لتأجيل الانتخابات بسبب مخاوفها من النتائج. وسجل قياديون حاليون وسابقون في فتح قائمتين لخوض الانتخابات التشريعية أمام القائمة الرسمية للحركة وهو ما قد يشتت ما تحصل عليه الحركة في مواجهة منافستها حركة حماس خلال عملية الاقتراع. - - تكريس الانقسام -- يتفق المحلل السياسي من غزة مصطفى إبراهيم بأن تأجيل الانتخابات يهدد بدخول الساحة الفلسطينية بمزيد من الانقسام والتشرذم. ويبرز إبراهيم حالة الإحباط الشعبي من تأجيل الانتخابات واستمرار عدم الاحتكام إلى صناديق الاقتراع لتجديد شرعية النظام السياسي الفلسطيني ضخ دماء جديدة في مؤسساته. كما يشير إلى "خذلان فلسطيني من الأطراف الدولية التي تقاعست عن الضغط اللازم لإسرائيل بعدم عرقلة الانتخابات الفلسطينية والسماح بإجرائها في شرق القدس". وترشحت 36 قائمة غالبيتها مستقلة لخوض الانتخابات التشريعية الفلسطينية، فيما سجل أكثر من 93 في المائة من أصحاب حق الاقتراع من الفلسطينيين، أسمائهم خلال مرحلة تسجيل الناخبين، للمشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية. وكان يؤمل أن تقود الانتخابات العامة إلى إنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ منتصف عام 2007 على إثر سيطرة حركة حماس على الأوضاع في قطاع غزة بعد جولات من الاقتتال مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية. ويؤكد الدبلوماسي الفلسطيني السابق نبيل عمرو أن تأجيل الانتخابات يهدد بتكريس الانقسام الداخلي وتعميق الخلافات بين الفصائل. ويشدد عمرو على أن عدم الالتزام بإجراء الانتخابات والامتناع عن البحث عن حلول لمعضلة القدس "خالف الرغبة الشعبية الجامحة بإجراء الانتخابات وإحداث التغيير المنتظر منذ سنوات طويلة في النظام السياسي الفلسطيني". ويعتبر أن تأجيل الانتخابات "يخدم توجهات إسرائيل التي لا تريد انتخابات ولا أي نجاح لمساعي ترتيب الوضع الفلسطيني ومنع ولادة مؤسسة فلسطينية منتخبة وتحظى باحترام دولي".

مشاركة :