السائق، هو العنصر الأكثر أهمية في كثير من بيوت المملكة، أحد الأسباب المهمة في ذلك هو أنَّ وسائل النقل منحصرة فقط في السيارة، وهذا ما يجعل النساء في أمس الحاجة لهذا السائق لكي يذهبن إلى أعمالهن ويستطعن التعامل مع أي حالة طارئة حين غياب الرجل، في هذا السياق تبدو المعاناة شديدة جداً حين استقدام أي سائق جديد، فكثير من هؤلاء ربما لم يقودوا سيارة في بلادهم، ولا يعرفون شيئا عنها، وكل الوثائق التي يأتوننا بها يكشف ضعفها أول قيادة لهم للسيارة، هذا السبب وأسباب أُخرى كثيرة تجعل كل رب أُسرة يعيش حالة دائمة من القلق إلى حين التأكد من وصول أخبار سارة بوصول عائلته إلى وجهتها، أما قبل ذلك فهو يعي أنَّ قيادة هذا السائق الرديئة، والشباب الطائش المتهور، سيكونون بأجمعهم أسباباً تجعله غير مطمئن بانقضاء هذا المشوار القصير (على خير). تجربتان شخصيتان لي ولا أشك أنَّ كثيراً من القرَّاء قد واجهوا مثلهما حين استقدام السائقين، ملخصهما أنَّ حدوداً دنيا من المهارة المقبولة لم تكن موجودة بعدما قمت شخصياً باختبارهما، لا يعرفان معنى استخدام المرايا وكيفية إيقاف السيارة (Parking) وتغيير المسارات في الطريق واستخدام الإشارات وأمور بديهية في عالم القيادة، علاوة على الإخفاقات المتتالية لهم في اختبارات مدارس تعليم القيادة الخاصة باستخراج الرخص، فأغلب هؤلاء يتكرر فشلهم إلى أن يصل أحيانا إلى ستة إخفاقات، فيضطر إلى الدراسة، ومع ذلك وحينما ينجح أخيراً ويتسلم الرخصة وتُسلم له السيارة؛ لا يكاد يمر الشهر أوالشهران دون حادث مروري يكون هو المخطئ فيه، ليتسبب في خسائر معنوية ومادية فادحة على الأسرة، الأمر الذي يجعلنا نضع كثيراً من علامات الاستفهام على وكالات استقدام العمالة الأجنبية غير القادرة على استقدام من هو كفء وماهر، وقبل ذلك نتساءل عمَّا إذا كان القانون من الأساس يُلزم هؤلاء باختبار السائقين في بلدانهم والتأكد بالفعل من قدرتهم على القيادة. في اعتقادي أنَّ أحد الحلول التي يمكن أن تُنهي هذه المشكلة أو تقلل منها هي وجود جهات معتمدة في تلك البلدان يتم الاتفاق معها بحيث تكون هي الوحيدة المخولة باختبار السائقين ومنحهم شهادات تُثبت كفاءتهم وقدرتهم، جهة معينة ومُراقَبة بحيث لا يُسمح لأي سائق بالعمل في أراضي المملكة ما لم يحصل على رخصة منها تمكنه -بمقاييس المملكة- من القيادة في أراضيها بشكل جيد ومحترف، هذا الكلام أقوله لأنَّ رخص القيادة التي يدعون أنَّهم يحملونها هي رخص غير موثوقة، وتكشف القيادة الواقعية عن أنها مزورة، أو على الأقل لا تتناسب مع مقاييس الجودة المأمولة، الأمر الذي يعني أنَّ أرواح الناس في خطر مؤكد من هؤلاء السائقين. إنَّ استمرار الحال على ما هو عليه الآن من الاعتماد على مكاتب الاستقدام التي تمنح المواطنين سائقين لا يعرفون الحدود الدنيا من القيادة معناه الحقيقي هو الخطر المحدق الذي يهدد عوائلنا ويجعلنا في كل يوم نعيش القلق من هؤلاء المؤتمنين على أُسرنا وهم ليسوا بأهل لذلك، وما لم تُتخذ تدابير تضمن جودة الاستقدام فإنَّ الخطر سيبقى كبيراً، وستكون مسؤوليته مشتركة بين مكاتب الاستقدام وعمالتها السيئة.
مشاركة :