أصبح البعض يعانى من (الفوبيا) الخوف المرضى الشديد، أستمع بين الحين والآخر إلى كلمات مزعجة تتردد (جحا أولى بلحم طوره)، و(اللى يعوزه البيت يحرم ع الجامع)، فمن هو جحا الذى يحاولون إقناعه بالاستحواذ بمفرده على الطور؟، وما هو البيت الذى ينبغى أن يستولى على ميزانية الجامع. إنه الفنان المصرى، الذى لم يعد وحده فى الميدان، كما أن الوجه الآخر من الصورة هو الإعلامى المصرى، الذى أصبح ينافسه بقوة المذيع العربى. على أرض الواقع سقطت فى السنوات الخمس عشرة الأخيرة تلك الحواجز، صار العمل التليفزيونى عربيا، ولا يحق لأحد الآن أن يفتش فى جواز السفر ليعرف هل مثلا دُرة تونسية أو جمال سليمان سورى؟، مع تغيير قانون التسويق، أصبح العمل الدرامى يباع إلى الفضائيات بأسماء النجوم. فى الماضى، أقصد فى زمن التليفزيون الأرضى، كان يكفى المسلسل العرض فى نطاق بلد الإنتاج، الآن صار هناك أكثر من جهة لها رأى ينبغى مراجعته، عصر الفضاء فرض قانونه الجديد. تاريخيا وبين الحين والآخر نلمح تلك النعرات، وهى تعلن عن نفسها هامسة أحيانا وبتبجح أحيانا، مثل تلك الواقعة الشهيرة فى نهاية الأربعينيات، عندما هتف عدد كبير من المطربين والمطربات فى نقابة الموسيقيين المصرية (أخى جاوز الظالمون المدى/ جاءت صباح بعد نور الهدى)، وتصدت بقوة نقيبة الموسيقيين فى تلك السنوات أم كلثوم، لهذه الصيحات المجنونة، التى أرادوا من خلالها إغلاق الباب أمام المطربة صباح بعد أن سبقتها بسنوات قليلة المطربة اللبنانية نور الهدى. بعض المطربين بين الحين والآخر يتورطون فى تصريحات متشابهة، قبل سنوات قليلة طالب فى تصريح عنترى مدحت صالح- والغريب أنه من المتحققين فنيا وجماهيريا- بألا يغنى المطرب العربى إلا لهجة بلاده، رغم أنه مثلا- لو تذكر- سيكتشف أن نجاح سلام اللبنانية غنت (يا أغلى اسم فى الوجود يا مصر) ومن هذا الجيل تجد رصيد نانسى عجرم للغناء باللهجة المصرية ولمصر يشكل القسط الأكبر من رصيدها، ولو أحصينا عدد أغانيها الوطنية عن مصر ربما تفوَّق عدديا على ما غنته لوطنها، هل من الممكن أن نخصم من أغانينا كل ما قدمه باللهجة المصرية عشرات من المطربين العرب وعلى مدى التاريخ؟. هل ننسى المطرب الإماراتى حسين الجسمى، الذى لا يترك مناسبة مصرية وطنية إلا ولديه أغنية نرددها بعده؟، وديع الصافى ورائعته (عظيمة يا مصر)؟، وبالمناسبة منحوه قبل رحيله ببضع سنوات الجنسية المصرية، ولا أتصور أن الأمر يختلف سواء حمل الجنسية أو ظل فقط لبنانيا. قبل ثورة 25 يناير2011 بثلاثة أعوام، مثلا بدأت نقابة الممثلين تفتش فى الجوازات، كنا ندرك وقتها أن الأمر يعبر عن مصالح صغيرة لعدد من الممثلين، غير المتحققين، يعتقد أحيانا بعض أصحاب المواهب المحدودة، أن إزاحة الآخر ستتيح لهم اعتلاء القمة، تراجعت النقابة وقتها عن فرض قانونها؛ لأنه فى الحقيقة يخاصم مشاعر الناس بقدر ما يخاصم قانون وإيقاع الزمن. ضربات عشوائية نتابعها بين الحين والآخر، وهى تعبر عن مصالح صغيرة لهؤلاء الذين ينظرون فقط تحت أقدامهم. مرحبا بالفنان العربى فى مصر، رغم أنف أنصاف الموهوبين؛ مصر كانت وستظل للعرب (البيت والجامع والكنيسة)!!. [email protected] المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).
مشاركة :