يشهد مسجد قباء بالمدينة المنورة إقبالا من الزوار والمصلين الذين يؤمون صحنه وقاعة صلاته الفسيحة استجابة للنداء الرباني: «لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه»، يذكرون الله ويتلون آياته ويرفعون الأكف دعاء ورجاء، قلوب تملؤها السكينة والاطمئنان، وللمسجد المبارك أهمية تاريخية عظمى في الإسلام لأسباب عدة، فهو أول مسجد أسسه وخطه النبي صلى الله عليه وسلم، وشارك في وضع أحجاره الأولى ثم أكمله الصحابة رضوان الله عليهم، وكان النبي الكريم يقصده بين الحين والآخر ليصلي فيه ويختار أيام السبت غالباً ويحض على زيارته «من تطهر في بيته وأتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة فله أجر عمرة»، واهتم المسلمون به فقد جدده رابع الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم عمر بن عبدالعزيز الذي بالغ في تنميقه وجعل له رحبة وأروقة ومئذنة وهي أول مئذنة تقام فيه، وتتابع ترميمه وإصلاحه عبر العصور حتى العهد الزاهر، حيث لقي عناية كبيرة فرمم وجددت جدرانه الخارجية وزيد فيه من الجهة الشمالية في عهد الملك فيصل -رحمه الله- ثم أعيد بناؤه في عهد الملك فهد -رحمه الله- وتضاعفت مساحته عدة أضعاف مع المحافظة على معالمه التراثية بدقة فهدم المبنى القديم وضمت قطع من الأراضي المجاورة من جهاته الأربع إلى المبنى الجديد وامتدت التوسعة وأعيد بناؤه بالتصميم القديم نفسه، وجعلت له أربع مآذن عوضاً عن مئذنته الوحيدة القديمة وشيد البناء على شكل رواقين جنوبي وشمالي تفصل بينهما ساحة مكشوفة ويتصل الرواقان شرقاً وغرباً برواقين طويلين، ويتألف سطحه من مجموعة من القباب المتصلة وتستند القباب إلى أقواس تقف على أعمدة ضخمة داخل كل رواق، وكسيت أرضه وساحته بالرخام العاكس للحرارة وظللت الساحة بمظلة آلية صنع قماشها من الألياف الزجاجية تُطوى وتُنشر حسب الحاجة، ويحظى المسجد بفائق العناية وجليل الرعاية والاهتمام من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- فهو أكبر المساجد بعد المسجد النبوي.
مشاركة :