فُجعنا، وفُجع الوطن بحادثة تدافع منى في أول أيام العيد.. حادثة مؤلمة ذهبت معها النفس حسرات على الأرواح التي تساقطت، والأخرى المصابة، نسأل الله تعالى أن يتقبّل الموتى شهداء فيمن عنده، ويلهم ذويهم الصبر والسلوان، وأن يشفي المرضى منهم. كست هذه الحادثة المؤلمة عيدنا بلونها البالغ الكآبة، وتكاد صور أجساد الشهداء المسجاة لا تفارق مخيّلتي منذ الحدث، ناهيك عن السيناريو المرعب الذي لابد أنه مرّ على شهودها، والذي قرأت بعضًا من تفاصيله في تدوينات لناجين من الكارثة، ومشاعر الذعر التي اجتاحتهم وهم قاب قوسين أو أدنى من الموت! سردت (راشيل فيلتمان) في مقالتها بالواشنطن بوست، والتي ترجمها الدكتور حمزة المزيني، عددًا من حوادث التدافع في العالم. وذكرت أنه على الرغم من الجهود التي تُبذل لمنعها، إلاَّ أنّها آخذة في التزايد، كما أن الباحثين لاحظوا أنه لا يعرف إلاَّ القليل جدًّا عن المسببات الحقيقية لهذه الحوادث، وذلك حسب استقصاء لما كُتب من تقارير عن أحداث التدافع سنة ٢٠١٠، بُعيد حادثة تدافع في العاصمة الكمبودية (فنوم بنه)، راح ضحيتها ٣٥٣ شخصًا بإحدى الاحتفالات. رغم أني ضد ثقافة التبرير تمامًا، وأقف مع المحاسبة والمساءلة، والنقد الهادف لتحسين وتطوير الأداء.. إلاّ أنني أرفض تمامًا، وأقف بالمرصاد لأية مقولات ناعقة، تحاول استغلال الحدث لتمرير أجندات وأهداف سياسية! فما أن وقعت الحادثة حتى انطلقت الأصوات والأقلام الشامتة المتشفية، تكيل الاتّهامات المجحفة لبلادنا، محاولة نسف الجهود الجبارة التي تُبذل آناء الليل وأطراف النهار في القيام على شؤون الحجيج، والعناية بالحرمين الشريفين، والقيام عليهما. وهو واجب وشرف أنعم الله تعالى بهما على الساكنين في هذه البقعة من الأرض، والدولة السعودية التي تحكمها. وقد أغضبني كثيرًا وأزعجني -وأجزم أنه شعور كل مواطن مخلص لبلاده حريص عليها- محاولات التصيد وانتهاك سيادة المملكة، والمطالبات بتدويل الحج والتي سمعنا مهاتراتها وتصريحاتها الموتورة من إيران وغيرها، رغم أن التحقيقات لا تزال جارية، ولم تنكشف بعد ملابسات الحادثة ولا حيثياتها! ممّا يُؤكِّد الرغبة في التسقط، وركوب الحدث، واستغلاله دون مبالاة بالدماء، ولا بالأرواح التي فاضت لبارئها! جزَى اللهُ الشدائدَ كلَّ خيرٍ عرفتُ بهَا عدوّي من صديقِي فقد قشعت الأقنعة، وأظهرت المخبوء من جهة، وأكدت التفاف مواطني هذا البلد حول وطنهم وقيادتهم من جهة أخرى. كما أظهرت حجم المؤازرة العربية الإسلامية لبلادنا، لثقتهم بالجهود المبذولة، ويقينهم من أن المملكة لا تبخل بغالٍ ولا نفيس في سبيل توفير الراحة والأمان؛ لحجاج بيت الله الحرام. amal_zahid@hotmail.com
مشاركة :