«الأمن المعلوماتي» يعيد صياغة الأجندة الدولية - أيمـن الـحـمـاد

  • 9/28/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

لم يحتل الموضوع السوري أو التدخل الروسي أو حتى عسكرة الباسفيك أجندة القمة الصينية -الأميركية، التي احتضنها البيت الأبيض ببذخ بدا في حفل أقامه الرئيس أوباما لضيفه شي جين بنيغ، بل احتل رأس الأجندة موضوع رأته واشنطن وبكين ذا أولوية قصوى إذ كان الموضوع هو الأمن المعلوماتي ومكافحة القرصنة والتجسس عبر الانترنت، فلماذا كان هذا الملف مهماً بحيث تصدّر أولوية لأكبر اقتصادين في العالم؟ منذ بضع سنوات يتبادل البلدان اتهامات مفادها تجسس كل منهما على الآخر في شكل غارات وهجمات إليكترونية تستهدف البنية التكنولوجية، ويُستحوذ من خلالها على كم كبير من المعلومات والبيانات، ما جعل الأمر في مرحلة من المراحل يستحيل أزمة دبلوماسية على إثرها أصبحت مواقع مثل جوجل ومنتجاتها محظورة في الصين، والتهمة التجسس وجمع البيانات. في المقابل كانت واشنطن قد اتهمت مراراً الصين باعتبارها مصدراً لهجمات كانت إحداها قد نتج عنه قرصنة معطيات أربعة ملايين موظف فدرالي أميركي، إضافة إلى هجمات قيل إن "قراصنة صينيين" قاموا بها على شركات تقنية وتجارية ما أجبر الجانبان على اتخاذ خطوات تصعيدية. ومثلما كان السباق نحو الفضاء إحدى أهم إرهاصات الحرب الباردة مع السوفييت، يبدو أن "الفضاء السيبراني" أو المجال الإنترنتي سيكون حملة كنبوءة لحرب مماثلة. وترى الولايات المتحدة أن الصين من خلال هذه الهجمات تستحوذ على أسرار صناعية وتجارية وتقنية وعسكرية، وهو ما بدأت تشعر به وتظهر ملامحه من خلال نماذج عسكرية بدأت تعرضها بكين قريبة الشبه بنماذج وصناعات عسكرية أميركية مثل بعض الطائرات الحربية، وهو أمر يعني خسارة فادحة وضربة مادية ومعنية لجهود مئات الباحثين وشركات التطوير. ويخشى البلدان أن تطال الهجمات الإليكترونية بينهما مواقع حساسة وحيوية مثل شركات الكهرباء ومفاعلات الطاقة النووية وأنظمة الطاقة النفطية ومحطات مياه الشرب. ولعل الأدهى والأمر في هذا الجانب، وما يمكن اعتباره خطراً في المدى الاستراتيجي تسرب هذه الأسرار من معلومات وتقنيات لحكومات متحالفة مع أحد الجانبين سواء الأميركي أو الصيني، إذ يعني ذلك إرباكاً لاستراتيجيات الدول في علاقاتها مع شركائها أو حلفائها. وتخشى واشنطن من أن يؤدي تسرب تلك المعلومات إلى تحوّل في مسار علاقاتها مع حلفائها التجاريين أو العسكريين الذين سيرحبون بلا شك بتعاون مع الصين دون شروط قد تكون مجحفة من الجانب الأميركي. إن من الضروري أن نفطن لمثل هذه التحولات في الأجندة الدولية، وأن نسعى إلى تحصين فضائنا الإليكتروني خصوصاً أن منطقتنا العربية والشرق أوسطية - وإن كانت خالية من أسرار تقنية أو عسكرية يمكن استغلالها تجارياً أو سياسياً - إلا أن الحرب الإليكترونية قد تكون خياراً مطلوباً في لحظة ما، يمكن أن تقود إلى أضرارٍ قد تلحق بالبنية التحتية والأمنية ولا تقل خطورة وألماً عن أي هجوم عسكري كلاسيكي.

مشاركة :