درس الإرهاب يعيد واشنطن إلى توازنها - أيمن الحماد

  • 9/16/2014
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

موقف المملكة في ذكرى الحادي عشر من سبتمبر هذا العام مختلف عنه قبل 12 عاماً، وقتها كانت العلاقات بين الرياض وواشنطن قد اختلت كما لم يحدث من قبل، وإذ ما تأملنا هذا العام فإن المحادثة التي أجراها الرئيس أوباما مع خادم الحرمين الملك عبدالله عشية الأحداث الإرهابية التي ضربت نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا، وجدنا أن الموقف السعودي هذه المرة أقوى من تلك، بل إن المملكة التي اضطرت إلى الدخول في مناكفات مع الولايات المتحدة على خلفية 11 سبتمبر لأن (15) من منفذي تلك الحادثة هم سعوديون، كانت قد سبقت واشنطن بخطوة في مكافحة الإرهاب القادم من دول "الربيع العربي"، بينما قرر البيت الأبيض أن يترك الأمور تأخذ مجراها حتى حصل ما لم يكن في الحسبان. وعلى الرغم من أن المملكة التي حاولت دفع أميركا لما يجب أن تقوم به في وقت مبكر في سورية، إلا أن تردد واشنطن ترك انطباعاً من عدم الثقة لدى حلفائها الذين قرروا أخذ الأولوية في الحرب على الإرهاب. ما يجب أن يقال الآن أن التحالف الذي تسعى واشنطن لتشكيله لمحاربة "داعش وأخواتها" قد صيغ منذ أن أكثر من عام وتحديداً منذ سقوط الإخوان، إذ خشيت المملكة من تدهور الأوضاع في مصر بعد أن سقطت سورية وليبيا واليمن والعراق في أتون الفوضى، فشكلت بالتعاون مع دول الخليج وفرنسا ما يمكن أن يدعم الجيش المصري الذي صُدم من موقف الولايات المتحدة التي هددت بقطع دعم عسكري ضئيل كانت تؤديه إليه، وهو ما خلق شعوراً لدى الرأي العام المصري بأن واشنطن تدعم الإخوان وهو ما تنفيه الأخيرة. وإن كانت الحرب على "داعش" في حاجة إلى غطاء دولي تستطيع واشنطن القيام به، وقدرات عسكرية لا يمكن أن تتوافر إلا لدى الجيش الأميركي، إلا أننا اليوم أمام حقيقة بأن الولايات المتحدة، التي أدارت ظهرها للمنطقة في وقت كانت تحتاج منها أن تتخذ قراراً حازماً وقوياً شبيهاً بقرار أوباما في حربه على "داعش" من أجل معالجة الأزمة السورية والتي أفرزت ما نراه اليوم توحشاً، لجأت إلى المملكة حليفها القديم في الشرق الأوسط من أجل الاتفاق على مصلحة الجانبين، وإن كانت واشنطن بخطوتها هذه تعبر عن أنانية سياسية واضحة، فإن من مصلحة المملكة ودول المنطقة أيضاً أن تعمل جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة التي لم يخطر في بالها أن تعود إلى الشرق الأوسط بعد أن انصرفت عنه. يجب أن يكون ما حدث ويحدث اليوم في سورية والعراق منبهاً لواشنطن التي ترى أن الإرهاب تهديد استراتيجي سيطالها في عقر دارها، وأن ترك المنطقة تتخبط في أزماتها والتخلي عن حلفائها سيجلب الكثير من المشاكل ولن يسهم في علاجها، وأن الاستماع إلى نصيحة الأصدقاء في المنطقة لا تقدر بثمن.

مشاركة :