رفضت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) بعض الاتهامات التي صدرت من مستثمرين بخصوص انخفاض تملك الوحدات العقارية نتيجة فرض (ساما) ما نسبته 30% من قيمة العقار على الراغب في الحصول على قرض سكني من البنك كدفعة أولى على أن يوفر البنك النسبة المتبقية. وقال مصدر مسؤول في مؤسسة النقد العربي السعودي في معرض رده على سؤال ل«الرياض» بهذا الخصوص إن القرار الذي اتخذ الموسم الماضي وتم تطبيقه فعليا كان مدروسا من كافة النواحي حيث إن المؤسسة تعمل على مصلحة المواطن وعدم إثقاله بالديون التي تؤثر في وضعه المعيشي، ولذا حددت هذه النسبة حتى يتمكن المواطن من توفيرها قبل أن يتقدم بطلب قرض من البنك لشراء العقار الذي يرغب فيه مما سيقلل عليه نسبة التكاليف المالية من (الأرباح) التي ينالها البنوك جراء هذا القرض. وشدد المصدر على أن من المهم أن يعي المواطن الراغب في التملك على المدى الطويل أهمية التدرج في الطموحات حسب الإمكانيات حتى لا يضغط على موارده المالية في سنوات ويعيش في وضع مالي صعب، مشيرا إلى أنه من المهم أن يدخر سنوياً لحساب بيت المستقبل من خلال بديلين ناجعين وهما: البديل الأول، الاستمرار في الادخار إلى أن يتوفر لدى الأسرة ما يزيد عن 30% من قيمة البيت. البديل الثاني، أن تفكر في امتلاك أرض، ثم الشروع في بناء البيت، موضحا أن المهم أن يبدأ المواطن بترتيب أولوياته، فلا يمكن أن يتسرع لشراء دوبلكس أو فله بمبلغ عالي جدا والأرباح البنكية تثقل كاهله سنويا في وقت يمكنه أن يشتري شقة وبعد فترة وبعد أن تتوسع أسرته يبيع الشقة ويحصل على تمويل جديد من البنك لإكمال المبلغ الذي يمكن أن يوفر له قيمه منزل. وأكد أن قرار شراء المنزل أحيانا لايكون قرارا رشيدا فقد تدفع الأسرة ثمنه لمدة 20-25 سنة، مستشهدا بأن الإيجار في بعض المدن أفضل من التملك بمراحل، إلا أن هاجس «التملك» هو المسيطر على عقلية المواطن السعودي، لافتا أن أحد تقارير أمانة مدينة الرياض توضح أن الشاغر السكني في العمائر القائمة حوالي 6%، وهي الان في طريقها للبيع، إذا ما علمنا أن نسبة هامش الربح التي يطلبها مالك العقار «العمارة» 40%. وأشار إلى أن العقارين يودون في نهاية الأمر أن يكسبون وقد لا يهم الكثير منهم الديون التي ستكون على كاهل المشتري الذي قام يتوفير قيمة العقار من خلال قرض عالٍ وطويل الأمد، مطالبا المتقاعدين التفكير في تملك المنازل بسنوات قبل تقاعده لا بعد تقاعده. وكان طلعت حافظ أمين التوعية والإعلام بالبنوك السعودية، قد قال إن البنوك ليست صاحبة القرار في تطبيق هذا القرار بل هو إلزامي من مؤسسة النقد ولذا البنوك تطبقه حسب النظام المعمول به. وأكد مختصون عقارون ل»لرياض»، أن الفترة التي أعقبت تطبيق البنوك السعودية قرار تقديم قرض بقيمة 70% فقط من قيمة العقار للمواطنين شهدت ضعفا شديدا في قدرة المواطنين على الشراء حيت تراجعت نسبة القادرين على الشراء بهذه الطريقة بنسبة تصل الى 40% عما كانت عليه قبل تطبيق هذا القرار والذي لم يحل أزمة السكن كما توقع البعض بل إنه زاد من أزمتها ولم يعد هناك رابح من هذا القرار حتى البنوك أنفسها باتت من الخاسرين كون عدد الراغبين في الحصول على قرض عقاري تراجع بشكل لافت بحسب مسؤولين في البنوك السعودية. وبدأت السعودية مطلع شهر ديسمبر من العام 2014 تطبيق قرار عدم السماح للبنوك التجارية العاملة في المملكة بدعم المواطنين بمبلغ أكثر من 70% من القيمة الفعلية للعقار أياً كان نوعه سواء فيلا أو شقة أو غيرها من المنتجات العقارية المتاحة حيث يلتزم الراغب في الحصول على قرض تقديم 30% للبنك حتى يمكنه الحصول على قيمة العقار الذي تم اختياره وخضع لتقييم من جهات مختصة عن طريق البنك نفسه والذي سيحتفظ بتملك العقار إلى حين سداد المقترض مديونيته أو تعرض لمشاكل صحية أدت إلى العجز أو الوفاة حيث يتم نقل العقار باسم المقترض أو ورثته. وقال خالد بارشيد رئيس اللجنة العقارية بغرفة الشرقية وعضو لجنة الغرف السعودية، إنه بعد الوصول إلى الثلث الأخير عام 2015 ثبت بشكل واضح تضرر الجميع من هذا القرار حيث انخفضت قدرة المواطنين على الشراء حتى من يعتبرون بحالة مادية متوسطة ويستطيعون توفير مبلغ 10 آلاف ريال من رواتبهم الشهرية حيث إن جمع مبلغ النسبة المحددة من البنوك يعتبر أمرا صعبا ولذا كان هناك من يحاول أن يجد مخارجا وطرقا للحصول بشكل سريع على هذا المبلغ سواء من خلال القرض الشخصي المضاف إلى القرض العقاري مما سيثقل كاهله أكثر ويجعله يتحول إلى شبه عاجز عن التسديد لهذين النوعين من القروض وستؤثر على قدراته المعيشية على العكس لو أنه حصل على كامل المبلغ وبدأ في تقسيطه للبنك خلال فترة تتراوح مابين 15-25 عاما بشكل مريح نسبيا يقارب مبلغ دفعه الإيجار الشهري. وشدد على ضرورة أن تعيد وزارة الإسكان التفاوض مع مؤسسة النقد العربي السعودي النظر وبجدية في هذا القرار والسعي لإلغائه أو تجميده لفترة 10 سنوات والعودة للنظام القديم لأن مشكلة الإسكان قديمة ومضى عليها قرابة 4 عقود ومن الخطأ أن يتم الاعتماد الكلي على الدولة ممثلة في وزارة الإسكان لحلها. وطالب بضرورة أن يتم الترخيص لعدد أكبر من الشركات العقارية المطورة لتتوزع على جميع مناطق المملكة ولا تكون محتكرة فقط في المناطق الرئيسية مثل الرياض والدمام وجدة لأن عدد 8 شركات تطوير عقاري غير كافية أبدا في دولة بحجم السعودية، مما دعا مطورين عقارين في الرياض إلى العمل في الدمام أو جدة والعكس. وبين أن إنشاء هيئة عامة للعقار، سيكون له دور فعال في تنظيم السوق ومعالجة بعض التشوهات التي تواجهه مشددا على أهمية تظافر كل الجهود من أجل التخلص من هذه الأزمة الصعبة مما جعل وزارة الإسكان من أكثر الوزارات التي تشهد تغييرات في قياداتها من الوزراء في الأعوام الأخيرة إن لم يكن في الأشهر الأخيرة وهذا دليل على أن الدولة عازمة على التخلص من هذه الأزمة بالسعي لحلول يمكن أن تنهى أو على الأقل تحد من هذه الأزمة، لافتا أن شركات التطوير العقاري تمتلك الخبرة اللازمة للقيام بتطوير المخططات وفق الجودة المطلوبة، مما يجعلها قادرة على تسريع وتيرة توفير الوحدات السكنية في مختلف مناطق المملكة، مبينا أن الطلب في الوقت الراهن يتجاوز بمرات عديدة العرض وهذا ما يجعل هناك ارتفاعات متواصلة للأسعار في مختلف مناطق المملكة في كل الأحوال. ونبه في الختام إلى ضرورة تكريس مبدأ الشراكة والتعاون بين القطاع الخاص والعام بما يخدم المصلحة المشتركة، ويسهم في توفير الوحدات السكنية المطلوبة، ما يسهم في وضع حد للارتفاعات الحاصلة في الوقت الراهن.
مشاركة :