7 مايو 2021 / شبكة الصين / يتوقف لوسانغ درولما دائما أمام الكلمات المنقوشة على بوابة مدخل قريته، فتتحرك مشاعره وتعود به الذاكرة إلى أكثر من ستين سنة. الرجل التبتي الذي يبلغ من العمر تسعة وسبعين عاما، رنا إلى كلمات "القرية الأولى للإصلاح الديمقراطي في التبت" المكتوبة فوق مدخل قرية كسونغ، فترقرت عيناه بالدمع وقال: "كان هناك صولجان معلق طوال العام عند مدخل كسونغ في التبت القديمة، كرمز للامتيازات القضائية لمُلاك الأقنان، ودليل على أن حياة في كسونغ كانت أكثر قسوة وظلما من القرى الأخرى. كان أقنان كسونغ يعيشون في لجة عميقة ونيران محرقة آنذاك." في سنة ألف وتسعمائة وتسع وخمسين، بدأت الإصلاحات الديمقراطية في قرية كسونغ، فتم إنشاء أول جمعية للفلاحين في التبت وأول فرع ريفي للحزب الشيوعي الصيني في التبت، وتحول الأقنان إلى أسياد وبدأوا حياة جديدة. تغيرت القرية، التي كانت "جحيما" للأقنان في الماضي، وصارت مكانا لحياة آدمية جميلة، حيث الشوارع الواسعة والمنازل ذات الطراز التبتي، والبسمة التي تكسو وجوه أبناء القرية. إنها صورة باهية للتغيرات الكبيرة التي حدثت في كسونغ؛ التي كانت أول قرية في التبت تستفيد من الإصلاحات الديموقراطية. الدموع والدماء المعروضات في قاعة معرض قرية كسونغ بحي ندونغ السكني في مدينة لوكا بالتبت، تبين حقيقة الأكواخ التي كان يسكنها الأقنان، وأدوات تعذيبهم وحبسهم وغيرها من مظاهر حياة الأقنان في نظام العبودية الإقطاعي، التي تقشعر لها الأبدان. كانت قرية كسونغ، قبل اثنتين وستين سنة، عزبة لمالك الأقنان الكبير في التبت القديمة سوركانغ وانغتشن قلغ. كان بها 302 قن يُعامَلون كـ"الأدوات الناطقة"، ويؤدون أعمالا ثقيلة شاقة سنة بعد سنة، ولكنهم في المقابل كانوا يرتدوا أسمالا بالية ويتضورون جوعا ويُبرحون ضربا. قال سونام دوندروب، الأمين السابق لفرع الحزب الشيوعي في كسونغ، والبالغ من العمر 78 عاما، إن القسوة التي كانت تُمارس في كسونغ أشد فظاعة من الصور والأشياء المعروضة في المعرض. عانى الأقنان من ظلم لا يعد ولا يحصى في ذلك الوقت. في سنة 1968، عرضت مسرحية بعنوان "دموع الأقنان"، كتبها وأخرجها أبناء كسونغ استنادا إلى القصة الحقيقية لقريتهم. جسدت المسرحية مأساة عائلة ترينلي دورجه التي تعرضت للظلم والاضطهاد والإهانة بلا رحمة من قبل ملاك الأقنان، وأظهرت قتامة التبت القديمة بشكل واضح. في أحد مشاهد تلك المسرحية، يظهر ترينلي دورجه، وهو قن فقير لا حول له ولا قوة. ولأنه كان يسرق طعام الكلاب ليأكله، يتعرض للضرب من قبل مدبر المنزل. يتمرد ترينلي دورجه على ذلك الوضع فيتعرض للتعذيب حتى يموت بشكل مأساوي، وتصاب زوجته قادول بالجنون، وينتظر ابناه داوا وساربو فرصة للانتقام له، فيلقى الاثنان نفس مصير أبيهما في النهاية ويُعذبا حتى الموت على يد مالكهما......". عُرضت هذه المسرحية المعروفة لدى الجميع في العديد من الأماكن في التبت في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ودائما ما يتأثر بها المشاهدون لدرجة أنهم لا يستطيعون كبح دموعهم. لأكثر من نصف قرن، عرض أبناء كسونغ مسرحية "دموع الأقنان" على خشبة المسرح جيلا بعد جيل، منددين بنظام الأقنان القاسي. التغيرات العظيمة في الثامن والعشرين من شهر مارس سنة ألف وتسعمائة وتسع وخمسين، أصدرت الحكومة الصينية المركزية قرارا بحل الحكومة المحلية بالتبت، وتنفيذ إصلاحات ديموقراطية، وإلغاء نظام القنانة الإقطاعي بشكل تام. في ذلك الوقت، طلب دامبا غايالستن، الذي كان يدرس في جامعة الجنوب الغربي للقوميات، أن يعود إلى التبت للمشاركة في إخماد التمرد المسلح الذي شنه الرجعيون المحليون في التبت، والانخراط في أعمال التحقيق الاجتماعي. لقد شعر بعمق بالحياة الفقيرة المدقعة ومشاعر أبناء كسونغ المتصاعدة لرفض الاضطهاد الذي يمارسه ملاك الأقنان. ورد في تقرير التحقيق الذي قام بكتابته: "لم يعد أبناء كسونغ قادرين على تحمل استغلال واضطهاد ملاك الأقنان. ويمكن أن يصبح هذا المكان مادة مرجعية حية لفهم طبيعة القنانة في التبت القديمة، وأن يصبح قاعدة توعية لجميع أقنان التبت......" وأخيرا، قررت لجنة أعمال التبت للحزب الشيوعي الصيني إجراء إصلاح ديمقراطي تجريبي في قرية كسونغ، بعد أن نظرت في العوامل التاريخية والواقعية للقرية بشكل شامل. في السادس من شهر يونيو سنة 1959، رفع 302 قن بملابس بالية في قرية كسونغ أيديهم لأول مرة، لممارسة حقهم كسادة أحرار تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، وقاموا بانتخاب أعضاء اللجنة التحضيرية لأول جمعية للفلاحين في التبت. وفي الخامس من يوليو، تم إنشاء جمعية الفلاحين رسميا، ووزعت عليهم الأراضي التي كان الحصول عليها أملا لأسلافهم جيلا بعد جيل. وقف نييما تسرينغ، الذي انتخب رئيسا لجمعية الفلاحين، على طاولة ملطخة بوسخ الزيت، وقال بصوت عال: "أيها الأهالي، كان ملاك الأقنان يقفون عاليا ويدهسوننا تحت أقدامهم في الماضي. اليوم، ساعدنا الحزب الشيوعي الصيني على التحرر، فلننهض على أقدامنا." ألغى الإصلاح الديمقراطي نظام ملكية الأراضي الإقطاعي، وحصل الأقنان والعبيد، الذين كانوا يمثلون أكثر من 95% من إجمالي سكان التبت في ذلك الوقت، على الحرية الشخصية، وحصلوا لأول مرة على الأراضي الزراعية ووسائل الإنتاج الأخرى. في ديسمبر سنة 1959، تأسس في قرية كسونغ أول فرع ريفي للحزب الشيوعي الصيني في التبت. وكان نييما تسرينغ وبدما دوندروب وناقاوانغ والد سونام دوندروب وغيرهم، أول دفعة من أعضاء الحزب الشيوعي في القرية. وتحت قيادة الفرع الحزبي ومع الدور الطليعي لأعضاء الحزب، خاض أبناء كسونغ بحماسة أعمال الإنتاج والبناء، فقاموا بزراعة الحقول وإصلاح القنوات وإنشاء المدارس المسائية. وأصبحوا أخيرا سادة هذه الأرض. شهد سونام دوندروب بأم عينيه التغيرات اليومية التي طرأت على قرية كسونغ. قال: "ظل أعضاء الحزب الشيوعي بقرية كسونغ يقفون دائما في مقدمة صفوف الجماهير في جميع الفترات التاريخية." في ثمانينيات القرن العشرين، طورت كسونغ "اقتصاد الضواحي"، بالاستفادة من مزايا موقعها القريب من المنطقة الحضرية. اشترى توتوب، وهو من نسل الأقنان، أول شاحنة في القرية، وأصبح أول فرد من أبناء كسونغ لديه عشرة آلاف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات حاليا)؛ وأسس داوا تسرينغ مصنعا للشعرية، وشجع أهالي القرية على زيادة دخلهم معا، فأطلقت سياسة الإصلاح والانفتاح حيوية التنمية للفلاحين فوق هضبة التبت. مستقبل عظيم في السادس عشر من مارس 2021، عندما غمر الربيع أرض وادي نهر يارلونغ، استقبلت قرية كسونغ مهرجان الحرث الربيعي السنوي، وحضره أكثر من مائتي شخص بملابس زاهية جميلة. وفي وسط موجة من الهتافات السعيدة، أطلقت 16 آلة زراعية زئيرا عاليا، وانطلقت واحدة تلو الأخرى نحو الأرض، فحرثت الحقول ونثرت بذور شعير الهضاب. قال السيد دورجه، البالغ من العمر ثلاثة وسبعين عاما: "بالنسبة للفلاحين التبتيين، الحرث الربيعي هو أهم نشاط زراعي طوال السنة." وأضاف أن الفلاحين باتوا غير مضطرين لحرث الحقول بأنفسهم بعد تعميم الميكنة الزراعية، وتزداد أعداد العمال الذين يذهبون للعمل خارج القرية، ولكن لا يزال مهرجان الحرث الربيعي يجذب العديد من الناس للعودة والمشاركة به. في عام 2020، تبنت قرية كسونغ مبادرة جماهيرية تطوعية، تم بموجبها نقل إدارة 5ر83 مو (الهكتار يساوي 15 مو) من الحقول الزراعية إلى المؤسسات التابعة لتعاونية البيع والشراء في منطقة التبت الذاتية الحكم لزراعة الخضروات. بعد هذه الخطوة، خرج 70% من القوى العاملة بقرية كسونغ، وتحديدا أربعمائة وخمسة وأربعون، للعمل خارج القرية. وفي الوقت نفسه، يستفيد أبناء القرية من عوائد رسوم نقل إدارة الحقول والقيام بالأعمال الزراعية وتقاسم الأرباح من الجمعية التعاونية. في العام الماضي، نقل لوتسانغ وانغتشون إدارة حقول مساحتها 6 مو من أرضه، وعمل سائق سيارة أجرة في المدينة خلال وقت الفراغ، ووصل دخله من هذا العمل وحده إلى أكثر من مائة ألف يوان. يوجد حاليا في قرية كسونغ 12 فرعا حزبيا تضم 168 عضوا للحزب، وأصبحت هذه القرية حصنا قويا للنضال من أجل بناء مجتمع الحياة الرغيدة. قال قوانغ تسه، الذي تم انتخابه مؤخرا أمينا للجنة الحزب في قرية كسونغ: "سننقل إدارة 140 مو أخرى من الحقول هذا العام". الحقول التي كان الفلاحون يعتبرونها بمثابة "شريان الحياة"، أصبحت الآن "أصولا حية" تساعد على نهوض الريف. من العمل بالزراعة لصالح ملاك الأقنان، إلى التعاقد على الحقول الزراعية بعد الإصلاح والانفتاح، ثم إلى المساهمة لحيازة أسهم في التعاونية الزراعية، أدى إصلاح الأراضي الزراعية في كسونغ إلى زيادة القدرة الإنتاجية، وتحسين الكفاءة الإنتاجية للعمالة. استثمرت الدولة ما يقرب من أربعين مليون يوان في كسونغ منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، للبدء في مشروع بناء "المنطقة النموذجية للحضارة الإيكولوجية لمجتمع الحياة الرغيدة"، حيث قامت القرية بتجديد أنظمة الصرف الصحي والإضاءة والتخضير، وبناء المراكز الخدمية ومكتبات الفلاحين، الخ. في عام 2017، تخلصت عائلات كسونغ بأكملها من الفقر، وفي عام 2020، وصل متوسط الدخل السنوي للفرد في القرية إلى 25000 يوان، وشهدت ظروف الإنتاج والمعيشة للسكان قفزة جديدة غير مسبوقة. قال قانغ تسه بفخر: "بالتزامن مع تنفيذ الدولة لإستراتيجية النهضة الريفية، تستعد كسونغ لتطوير صناعة السياحة بها، والنهوض بصناعة السياحة الريفية التي تشمل خدمات الطعام والإقامة والترفيه، بالاستفادة من مزايا القرية في المواصلات والثقافة الحمراء والاقتصاد الجماعي، ومن ثم توسيع قنوات زيادة دخل الجماهير." التغيرات الهائلة التي حدثت في مسقط رأس بدما دتشن، الذي درس في جامعة تشجيانغ، جعلته في فيض من المشاعر المختلطة. قال: "حدثت تغييرات هائلة على أرض كسونغ الحمراء، أنا فخور للغاية. ولقد تقدمت بطلب انضمام إلى الحزب الشيوعي حاليا، آملا أن أكون عونا لموطني في التنمية المستقبلية."
مشاركة :