تتواصل المؤشرات الاقتصادية في التحسن المطّرد في دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ بداية العام الحالي، في تأكيد على دخول اقتصاد الدولة مرحلة التعافي الكامل، والرجوع إلى النمو بعد التراجع الذي تم تسجيله السنة الماضية، لتعزز الدولة مكانتها بوصفها واحدة من أسرع الاقتصاديات التي تدخل في هذه المرحلة، رغم استمرار المخاطر العالمية التي تفرضها جائحة «كوفيد-19». فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات (PMI) في الدولة، والذي تنشره شركة «أي أتش إس ماركت» (IHS Markit)، إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من عشرين شهراً، حيث وصل إلى مستوى 52.7 نقطة في شهر إبريل الماضي بعدما كان قد وصل إلى 44.1 نقطة في شهر إبريل من العام الماضي 2020 في خضم أزمة كوفيد-19. ويقيس هذا المؤشر الاتجاه السائد للاقتصاد من منظور مديري المشتريات، حيث إن أي مستوى أقل من 50 يعني تدهور مناخ الأعمال، فيما يعبّر أي مستوى أكبر من 50 عن تحسن في الاقتصاد. ويأتي هذا التعافي في المناخ العام للأعمال في القطاع غير النفطي بسبب وجود ارتفاع قوي في أحجام الأعمال الجديدة والتوسع الكبير في الإنتاج الذي ارتبط بالانتعاش الاقتصادي وتعافيه من تبعات جائحة كوفيد-19. كما تبقى التوقعات إيجابية بتواصل التحسن في مناخ الأعمال في الأشهر القادمة مدفوعة بتوقع زيادة المبيعات من تحسن الطلب المحلي الذي يبقى المحرك الرئيسي لهذا التعافي، ومن معرض إكسبو 2020 الذي سيكون انعقاده في حد ذاته بهذه المشاركة العالمية الواسعة المتوقعة أكبر مؤشر على دخول الاقتصاد العالمي كله، وليس الإماراتي فقط، مرحلة التعافي. كما عزز تعافي أسواق النفط مساهمة القطاع النفطي في تعافي الاقتصاد الإماراتي، حيث وصل سعر البرميل من خام برنت إلى قرابة 69 دولاراً في بداية شهر مايو، بعد أن كان قد تهاوى إلى 20 دولاراً في 20 إبريل من العام الماضي. وسيسهم اتفاق مجموعة(أوبك +) على الرفع من إنتاجها بمقدار مليوني برميل في اليوم بين شهري مايو ويوليو في زيادة إنتاج النفط في الدولة، حيث سيتم توزيع زيادات الإنتاج على جميع الأعضاء. ويبقى العامل الأهم في التعافي المستقبلي للاقتصاد الإماراتي هو المردود الإيجابي للنجاح الباهر في حملة التطعيم، التي جعلت الإمارات من الدول الرائدة في تطعيم سكانها، وجعلتها أيضاً في وضع جيد للاستفادة من التعافي الاقتصادي العالمي. ويُتوقع أن ينتعش قطاع السياحة، بسبب ارتفاع أعداد السائحين بعد رفع قيود السفر في البلدان الأخرى، وكذلك بسبب مرونة قوانين التأشيرات الجديدة التي جعلت من السهل على العاملين عن بُعد أن يقيموا في الإمارات. كما أدى توافر أنواع اللقاحات بشكل مجاني ورفع القيود عن النشاط الطبيعي في الإمارات إلى جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي بقطاع العقارات في الربع الأول من هذا العام. وتعزز المؤشرات القائمة جميعها التفاؤل بأن يتواصل تعافي اقتصاد الدولة بصورة أسرع في النصف الثاني من عام 2021، مما يؤكد نجاح استراتيجية الدولة في إدارة مرحلة التعافي التي باتت تمثل نموذجاً يحتذى به بالنسبة لدول أخرى كثيرة.
مشاركة :