تواجه فيتنام مرحلة مقلقة بكل وضوح، فمع استمرار الاعتقالات بحق أشهر الصحافيين وزيادة الضوابط المفروضة على مواقع التواصل الاجتماعي، يصعب أن يحافظ أحد على تفاؤله بمستقبل الصحافة المستقلة في فيتنام، وتُعتبر حرية الصحافة أساسية لمحاسبة السياسيين والتعبير عن مصالح المواطنين العاديين. في 24 أبريل الماضي، أصبح تران ثي توييت ديو آخر صحافي يتم اعتقاله لأنه تجرأ على انتقاد الحزب الشيوعي الحاكم في فيتنام، حُكِم عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات لأنه انتقد الحزب ودافع عن الديمقراطية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ووفق منظمة "مراسلون بلا حدود"، تشمل فيتنام واحدة من أكثر البيئات القامعة للصحافيين في العالم، حيث يواجه الصحافيون المستقلون في هذا البلد مصاعب كبرى اليوم ولا يدعو الوضع إلى التفاؤل. تُعتبر حملات الاعتقال جزءاً من تدهور مظاهر حرية التعبير في فيتنام، إذ تخضع محتويات مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت عموماً لتدقيق متزايد من أنظمة الرقابة الإلكترونية، وفي يناير 2019، مررت الحكومة قانوناً جديداً ومرتبطاً بالأمن الإلكتروني لمطالبة شركات التكنولوجيا بتسليم بيانات المستخدمين وفرض الرقابة على عملها، وفي أبريل 2020، وافق فيسبوك على توسيع الرقابة على المحتويات الحساسة بعدما عطّلت الحكومة خوادم الشركة ومنعت الولوج إلى الموقع، ربما تسعى فيتنام إلى إنشاء نسختها الخاصة من "جدار الحماية الصيني العظيم"، حيث تخضع المحتويات لمراقبة مشددة ويعجز الجميع عن انتقاد النظام. قد لا تكون فيتنام قوية بما يكفي اليوم، لكن تثبت المقاربة التي تتخذها حتى الآن أنها قد تلجأ إلى النهج نفسه على المدى الطويل إذا سنحت لها الفرصة. استمرت حملة قمع أصحاب المدونات والبث المباشر في عام 2021، وفي 23 أبريل حُكِم على صاحبة المدوّنة، لو ثي بنه، بالسجن لمدة سنتين لأنها نشرت انتقادات ضد الحزب الشيوعي الفيتنامي على فيسبوك ودافعت عن نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب، وفي ديسمبر 2020، اعتُقِل الصحافي السابق، ترونج تشاو هوو دانه، لأنه أطلق حملات ضد فساد الحكومة وجمع نحو 168 ألف متابع على صفحته "باو ساتش" على فيسبوك، علماً أن السلطات أغلقتها بعد اعتقاله، واتُّهِمت بنه والمنتسبون إلى مجموعة "باو ساتش" بـ"استغلال الحريات الديمقراطية"، وهي واحدة من الأدوات المفضلة لدى السلطات لإسكات المعارضين. تريد الحكومة أن تكون مواقع التواصل الاجتماعي انعكاساً للحملة الدعائية التي يطلقها الحزب الحاكم، ولتحقيق هذه الغاية، استعانت السلطات بناشطين لإنشاء جيش إلكتروني تقضي مهمته بترويج سياسة الحزب الحاكم ومضايقة المنتقدين ومراقبة المحتويات بحثاً عن أي مواقف معارِضة، ويقضي أحد تكتيكاتها المفضلة بالإبلاغ عن المواد النقدية لحذفها عن موقع فيسبوك بسبب انتهاكها للتوجيهات الاجتماعية، ففي نوفمبر من 2020، ذكرت وكالة "رويترز" أن فيتنام هددت بإغلاق فيسبوك رغم ارتفاع مستوى الرقابة الذي وافقت عليه الشركة بطلبٍ من الحكومة منذ إبرام الاتفاق في شهر أبريل، حيث يدرك الحزب الشيوعي الفيتنامي أن شركة فيسبوك لن تنسحب على الأرجح من هذا السوق المربح، لذا يحرص على الضغط عليها لفرض ضوابط إضافية مستقبلاً. تواجه فيتنام مرحلة مقلقة بكل وضوح، ففي ظل استمرار الاعتقالات بحق أشهر الصحافيين وزيادة الضوابط المفروضة على مواقع التواصل الاجتماعي، يصعب أن يحافظ أحد على تفاؤله بمستقبل الصحافة المستقلة في فيتنام، وتُعتبر حرية الصحافة أساسية لمحاسبة السياسيين والتعبير عن مصالح المواطنين العاديين. استعمل الناشطون والصحافيون مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم صفوف المعارضة ورفض القوانين التي لا تحظى بتأييد الناس، وإطلاق حملات لمكافحة الفساد، والاحتجاج على تدمير البيئة، فقد يستفيد الحزب الشيوعي الفيتنامي من تجريد المواطنين من هذه الصلاحية، لكن سيتحمل الشعب الفيتنامي العادي عواقب هذا القرار، فقد فاز نغوين فو ترونغ المتشدد بولاية ثالثة كزعيم للحزب الشيوعي الفيتنامي خلال المؤتمر الحزبي الثالث عشر في شهر فبراير من هذه السنة، مما يثبت أن تدابير الرقابة الصارمة والأحكام القاسية ستبقى قائمة، وهذا نبأ سيئ للصحافيين ولفيتنام بشكل عام.
مشاركة :