التعليم .. إلى أين يسير ؟!

  • 11/25/2013
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

دعونا نتفق أن هناك تحديات كبيرة تواجه مسيرة التعليم في بلادنا، والإخفاق فيها قد يشكل إهدارا تربويا وماليا وتنمويا هائلا، ويحدث تأثيرات سلبية على التنمية المجتمعية ككل، فعدم تحقيق التعليم لأهدافه سيزيد من حجم الأمية والبطالة ويضعف البنية الاقتصادية الإنتاجية للمجتمع والفرد، كما يزيد من الاتكالية والاعتماد على الغير في توفير الاحتياجات الأساسية، ويهدد بناء أجيال متعلمة محبة للمعرفة والاطلاع والإنتاج والعمل حتى تقوم بدورها المأمول في خدمة مجتمعها ووطنها. إن هذا التهديد يتمحور حول الدافعية المفقودة لدى الطلاب وافتقاد التعليم للجاذبية، فالمشكلات المتعلقة برغبة الطالب في التعليم وافتقاد التعليم للجاذبية كثيرة ومتعددة، والتي ينبغي الوقوف عندها، وتحتاج منا إلى بحث ودراسة للإسهام في معرفة أسبابها، ومن ثم علاجها وتلافيها في المستقبل، بدءا من مشكلة التأخر الدراسي والهروب أوقات الفسح ومشكلة السلوك والغياب الجماعي قبل وبعد الإجازات العارضة والتأخر الصباحي، وغيرها من المشكلات المؤثرة في حياة الطالب، والتي قد تؤثر سلبا في مسيرته الدراسية. لم تستطيع مؤسسات التعليم خلق الرغبة الحقيقية لدى الطلاب في التعليم وتحفيز دافعيتهم للعيش في هذه الأجواء التعليمية، ولم تستطع بعد إثبات القدرة على احتضان مجتمعه رغم كل الإمكانات التي سخرت له من قبل الدولة والدعم اللا محدود من قبل قائد المسيرة ــ يحفظه الله. لا أخفيكم القول أنني أتألم كثيرا على حال التعليم في بلادنا حين أرى وأسمع أطفالنا وشبابنا في المراحل الدراسية المختلفة يلهجون بالدعاء ويتسمرون أمام شاشات التلفزيون لساعات متأخرة يتابعون بشغف مطلق خبر تعليق الدراسة. لأن ذلك ليس له سوى معنى وتفسير واحد فقط أن هناك خللا واضحا في منظومة التعليم جعلت منه غير مرغوب فيه للطالب وغير جاذب له، وإلا لماذا يفرح طلابنا بالإجازات ويهربون إليها ويتمنون لو تستمر عليهم ولا تقطعهم مواعيد الدوام المدرسي، إلا لأن التعليم أخفق في بعض جوانبه في خلق الرغبة والجاذبية لدى الطلاب. لقد أصبحت فرحة الطلاب بتعليق الدراسة ظاهرة مرتبطة بالجوانب التعليمية والتربوية، وتستدعي الدراسة والتحليل ومعرفة الأسباب الحقيقية التي تقف وراءها، والبحث عن الحلول الناجعة للتطوير وجعل المرافق التعليمية حدائق وارفة الظلال جاذبة للطلاب حتى خارج أوقات الدوام شغوفين بنهل المعرفة والعلم من منابعها، حتى نضمن شبابا حيويا متعلما وفعالا تجذبه المعرفة وبيوتها أني كانت، حتى تستطيع بلادنا أن تبني آمالها على هؤلاء الشباب باعتبارهم عماد المجتمع ومركز طاقته الفعالة والمنتجة والقادرة على إحداث التغيير في مجالات الحياة. ليس من المعيب أن نعترف أن التعليم في بلادنا لا يزال يحتاج إلى جهود كبيرة لجعله متوافقا مع رغبات الطالب وحاجات المجتمع، وبما يحقق الانضباط والتحصيل العلمي المفيد من خلال تأهيل معلمينا وتسليحهم بطرق تدريس وتعليم جاذبة، وإيجاد البيئة والبرامج المنوعة والمشوقة الرياضية والترفيهية التي تستثير دافعية الطلاب نحو التعلم، وتنمي حبه في نفوسهم. على الوزارة مواجهة ظاهرة عدم وجود الدافعية للتعلم وعدم رغبة الطلاب للذهاب إلى مدارسهم وفرحتهم الكبرى بإعلان (تعليق الدراسة)، وذلك بدراسة الأسباب، ثم الخروج بنتائج ومعالجات تخلق بيئة تربوية جاذبة تجعل الطلاب يحرصون على التعليم، كما هو الحـال في الدول المتقدمة. وبما أن الوضع قد يتجه للأسوأ في ظل حال طلابنا وطالباتنا مع مدارسهم، إلا أنني أتطلع إلى ذلك اليوم الذي سيصبح فيه طلب العلم واللهث نحو المعرفة ثقافة راسخة في مجتمعنا لدى الصغير والكبير، عندما يصبح الطالب ينظر إلى مدرسته كمؤسسة اجتماعية وتعليمية وتربوية وترفيهية في آن واحد يهرب إليها في كل الأوقات.

مشاركة :