إلى أين يسير «داعش»؟!

  • 10/17/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عائشة أحمد سويد أبدأ كلماتي بدعوة لي ولكم «اللهم إني أسألك حسن الخاتمة»، وأدعو بها وكلي قوة أستمدها من الله أن يمنحني القوة والشجاعة لأواجه الحياة وأصدح بالحق فيها في حدود ما يرضيه عني.. ولا أقولها وأعوذ بالله أن أقولها لأزيد خيباتي وخلودي للراحة أو أنتظر الموت بكل خيبة. تأتي دعواتي إلى الله وأنا أستقرئ التاريخ الإسلامي وأقلبه أن ما نعيشه ما هو إلا فرع لجذور عميقة خلال تاريخنا الإسلامي، وخير مثال لنا على ذلك تنظيم داعش، هل هو وليد يوم وليلة؟ الإشعال بدأ من الخوارج وما نسميهم في زماننا بـ«داعش». فكانت المؤامرة التي خططت لاغتيال علي ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، وهنا نقف على أول الجذور التي امتدت عكسياً لظهور فكر القتل للمخالف. حيث لم يشفع لعلي بن أبي طالب من القتل أنه أمير المؤمنين، ولم تشفع له قرابته للنبي صلى الله عليه وسلم وأسبقيته في الإسلام وغيرها من المآثر التي تميز بها عن غيره، فأول ما يميز الفكر الداعشي الجحود لقيمة الإنسان مهما كانت مناقبه ومآثره فهم يؤطرونه بآخر عمل يقيمونه هم عليه سواء أكان هذا التقييم حقاً أم باطلاً. وينصف الكاتب محمد أبو زهرة في وصفهم فيقول: «وهذه الفرقة أشد الفرق الإسلامية دفاعاً عن مذهبها، وحماسة لآرائها، وأشد الفرق تديناً في جملتها، وأشدها تهوراً واندفاعاً، وهم في اندفاعهم وتهورهم مستمسكون بألفاظ قد أخذوا بظواهرها، وظنوا هذه الظواهر ديناً مقدساً، لا يحيد عنه مؤمن، وقد استرعت ألبابهم»، فكلمة «لا حكم إلا لله» اتخذوها ديناً ينادون به، فكانوا كلما رأوا علياً يتكلم قذفوه بهذه الكلمة فانتهى الأمر إليهم بقرار لا رجعة فيه وهو اغتيال علي في ساعة الفجر وهو ينادي الصلاة.. الصلاة. وتكمن خطورة الفكر الداعشي عندما تقرأ سيرة قاتل علي بن أبي طالب فتجد أنه عبدالرحمن بن الملجم، حيث له من المكانة ما له.. فهو من كبار الصحابة ومن حفاظ القرآن الكريم ومعلميه، حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لعلي: لقد آثرتك به عليّ عندما أرسله ليسانده في بعض المهام، ولكن التفافه مع مجموع فاسد يأخذ بظاهر النص القرآني ويشكل آراء لا هوادة فيها جعل منه شخصاً آخر بفكر آخر. وهنا مكمن الخوف السؤال الذي نسأله: كيف تغسل الأدمغة الصغيرة عندما تنشأ على التشدد؟ والجواب أنها تؤخذ بالاستثارة والاندفاع، وهذا ما جعلنا نستفيق على مصطلح الحزام الناسف، فهم يوحون إليه أنه مجاهد وليس بينه وبين الجنة سوى «تكة زر»، أضِف إلى ذلك الزخرف الذي رسموه له من نعيم، خاصة الحور العين، وإلا كيف غسل عقل عبدالرحمن بن الملجم. الإسلام دستوره القرآن والسنة ثم اجتهادات تتنوع بين القياس والاجتهاد تكفل للإنسان الأفضل والأطيب في إطار الإسلام، فأصبحت بهذه الاجتهادات جميع الأحكام تخضع لتدرجات من المحرم والحلال إلى المكروه والمندوب والمباح لتبيان سعة هذا الدين وأنه لا يقف أمام مصالح الناس واحتياجاتهم.. ولكن من موقف ابن الملجم ومن على شاكلته نجد أنهم من كل أمر وحكم متطرفون إما إلى أقصى اليمين أو أقصى اليسار، فلا وسطية ولا رحمن رحيماً، فها هم يقررون قتل علي لأنه رأى بحل أيسر وفيه حقن لدماء المسلمين وهو التحكيم، في حين رأى معارضوه أنه تهاون في أن يأخذ برأي حدي لا ثاني له وهو استمرار القتال، فرأوا بذلك قتله وهو أمير المؤمنين.. فلا عجب الآن في زماننا هذا أن تضاف إلى فكرهم ما تضاف من فتاوى متطورة وغير مجدية تقوم على التخمين وتفسير أحلام واستحلال ما حرم الله بما يسمونه سباباً وتشويهات لا حصر لها لهذا الدين بدعوى السعي لقيام الدولة الإسلامية المزعومة. الخيار الآن الذي ليس عنه تراجع أن تقف هيئة كبار العلمار وكبار المشايخ ليوضحوا بكل بساطة أصل فكرة داعش ومنشأها وأهدافها وإلامَ تدعو، ﻷننا مهما حاولنا أن نوضح للناس من هي داعش وحقيقة الفكر المتشدد فيها فلن يقتنعوا إلا بخطاب ديني موازٍ لخطاب داعش، وها هنا تحضرني عبارة جميلة للكاتب محمد الرطيان يقول فيها «في داخل كل سعودي سلفي صغير»، لذا أؤكد على أهمية محاربة الفكر المدمر بفكر سليم وغير معتل، وهذا لن نجده إلا في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

مشاركة :