لم يخيل لهايدي وإيميليو نافارو عندما هاجرا من تشيلي إلى إسرائيل منذ سنوات عديدة أنهما سيصبحان خبراء في الصواريخ أو أنهما سيقضيان أياما لا حصر لها في النوم في ملجأ خوفا من الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة. ويعيش الزوجان في (كيبوتس مفلاسيم) الذي يقع على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة منذ أكثر من عقدين. وتقول هايدي لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لقد أصبحت بالفعل خبيرة في الصواريخ ونوعيتها، من خلال رؤية بقايا الشظايا من الصواريخ استطيع معرفة مدى الصاروخ والمادة التي صنع منها". وأضافت وهي تجلس داخل الملجأ الذي تحتمي فيه من الصواريخ "20 عاما لم يتغير شيء، يجب عليهم أن يذهبوا إلى تحقيق السلام مع الفلسطينيين، وأن حل مشكلة الصواريخ لن يكون عسكريا". نادر ما يغادر الزوجان منزلهما، لأنهما يخشيان أن يكونا بعيدين للغاية عن ملجأهما. وقالت هايدي "حتى في المنزل، أحمل دائما هاتفي المحمول حتى أتمكن من تلقي إشعار التنبيه لتطبيق الهاتف المحمول الذي ينذر بإطلاق صواريخ من غزة وأذهب للملجأ في الوقت المناسب". وبدأت الفصائل المسلحة في قطاع غزة وعلى رأسهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بإطلاق الصواريخ تجاه الأراضي الإسرائيلية منذ العام 2001، وفي العام 2005 انسحبت إسرائيل من قطاع غزة بشكل كامل. وبعد ذلك بعامين، سيطرت حماس على قطاع غزة بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع أجهزة السلطة الفلسطينية ليزداد بعدها إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل. ومنذ ذلك الوقت اندلعت أعمال عنف بشكل متقطع بين الطرفين، فيما خاضت إسرائيل وحماس ثلاث حروب منذ العام 2008 كان أخرها في العام 2014. وبدأت الجولة الحالية من التصعيد قبل أسبوع، بعد التوترات التي شهدتها مدينة القدس والمسجد الأقصى. وفي أعقاب ذلك أطلقت حماس وابلا من الصواريخ على القدس، وردت إسرائيل بشن هجوم كبير على غزة. ومنذ ذلك الوقت، ووفقا لبيانات الجيش الإسرائيلي أطلقت الفصائل المسلحة في غزة أكثر من 4000 صاروخ، فيما شن الجيش الإسرائيلي مئات الغارات الجوية على قطاع غزة. ووفقا لأرقام فلسطينية وإسرائيلية رسمية، قتل أكثر من 200 فلسطيني و12 شخصا من الجانب الإسرائيلي من بينهم اثنان من العمال الأجانب المقيمين في إسرائيل. وغادرت العديد من العائلات الإسرائيلية (الكيبوتس) عندما بدأت الجولة الحالية من القتال بحثا عن مناطق أكثر هدوء حتى انحسار القتال. ونظرا لأن (الكيبوتس) الذي يقطنه حوالي 900 شخص يقع في منطقة قريبة جدا من الحدود، فأن السكان لديهم 15 ثانية فقط للعثور على مأوى بمجرد إطلاق الصواريخ من غزة. ومنذ بدء التصعيد قام الزوجان بإعداد كل الاحتياجات اللازمة في حالات الطوارئ، مثل المصباح اليدوي وعدة إسعافات أولية وماء وجهاز راديو. وقال إميليو لوكالة أنباء ((شينخوا)) "اعتقدت أننا إذا انسحبنا من غزة سيكون الوضع أفضل لنا، ولن يكون هناك أي تهديد لحياتنا، لكنني كنت مخطئا". ويدعو العديد من السكان في المناطق المتآخمة لقطاع غزة إلى وقف العملية العسكرية ضد القطاع، بحجة أن ثلاث عمليات عسكرية واسعة ضد القطاع وغيرها من التصعيدات بشكل منقطع لم يوقف إطلاق الصواريخ من غزة، لذلك فالخيار العسكري ليس حلا لمشكلة غزة. ديفيد بير، إسرائيلي آخر يعيش في مفلاسيم منذ أن كان صغيرا، وكان يتوق إلى حل مختلف للصراع بين إسرائيل وحماس. وقال بير لوكالة أنباء ((شينخوا)) "الحل يجب أن يكون حلا سلميا، الوضع الإنساني في غزة مروع، وإذا لم يتم حل الوضع في غزة فلن يكون هناك فرصة للسلام". وبينما يقف بير على الحدود وينظر إلى سحب الدخان المتصاعدة من غزة يقول "لا أعتقد أن هناك أي دولة أخرى في العالم يمكن أن تتسامح مع إطلاق الصواريخ عليهم طوال الوقت". وأضاف "هذا وضع مستحيل، ولكن في نفس الوقت يجب أن تجد الحكومة حلا لغزة والوضع الإنساني الصعب الذين يعيشون فيه". ووفقا لبير فإن الأطفال في مفلاسيم يدفعون الثمن الباهظ، حيث لا يشكل الصاروخ خطرا نفسيا فحسب، بل قد تستغرق الصدمة النفسية سنوات للتعافي". ويقول "الأطفال معتادون على ذلك، لكن لديهم صعوبات، هناك أطفال تتراوح أعمارهم بين خمس أو ست سنوات ما زالوا ينامون في نفس الغرفة مع والديهم". ويوجد في جنوب إسرائيل العديد من مراكز الصدمات المزودة بأخصائيين بهدف مساعدة السكان على التعامل مع حالة الطوارئ المستمرة في حياتهم". وقال بير "يمكننا الاستمرار في هدم المباني والقيام بأشياء كثيرة، لكن لا يوجد حل، يجب البحث عن شيء دائم وحل سياسي".
مشاركة :