مقالة خاصة: مشاعر مختلطة بين أب وطفلته نجيا من ضربة إسرائيلية قاتلة على منزلهما في غزة

  • 5/20/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يرقد الفلسطيني رياض اشكنتنا وطفلته سوزي في مجمع الشفاء الطبي في غزة، وكلاهما مذهولان بفعل الصدمة التي أحدثتها غارات إسرائيلية استهدفت منزلهما قبل ساعات الفجر، وتسببت في قتل خمسة من أفراد العائلة منهم الأم. وجمع مسعفون شمل الأب وطفلته الناجية ذات الستة أعوام، في غرفة واحدة بعد ثلاثة أيام من تلقى العلاج بغرفة العناية المكثفة في المستشفى الذي يعج بمئات الجرحى بفعل الهجمات الجوية الإسرائيلية المتواصلة منذ 10 أيام. وانتاب رياض مشاعر مختلطة وهو يحتضن طفلته لأول مرة بعد أن تحول منزل الأسرة إلى أنقاض بفعل غارة إسرائيلية في الساعات الأولى من صباح الأحد الماضي على وسط مدينة غزة. "وين (أين) ماما؟" كان سؤال سوزي لوالدها عند اللقاء. ساد صمت كبير في الحجرة وأجابها والدها المكلوم بكلمات متقطعة بينما يتواجد عدد من أقربائهم حول سريرهما "أمك أخدت شقيقك زين وسافرت عشان (من أجل) علاجه". تلك الرواية أقنعت الطفلة الناجية مؤقتًا، لكنها حتمًا ستفيق على الحقيقة في يوم من الأيام. وقال الجيش الإسرائيلي إن هجماته تستهدف البنية العسكرية لحركتي المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007، والجهاد الإسلامي اللتين أطلقتا مع جماعات مسلحة أخرى أكثر من 4 آلاف صاروخ على دولة إسرائيل. وتسببت الهجمات الإسرائيلية، بحسب وزارة الصحة في غزة، بقتل 230 فلسطينيا من بينهم 65 طفلا و39 سيدة و17 مسنا إضافة إلى 1710 إصابات بجروح مختلفة. في المقابل، تسببت الصواريخ الفلسطينية في قتل 12 شخصا في إسرائيل وإصابة المئات، وهي أكبر حصيلة لضحايا سقطوا في هجمات صاروخية منذ عام 2014. ويقضى مئات آلاف الإسرائيليين معظم ساعات اليوم في ملاجئ محصنة في جنوب ووسط إسرائيل، منذ اندلاع التصعيد بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس والفصائل الفلسطينية في العاشر من الشهر الجاري. ويقع منزل رياض في حي الرمال الراقي وسط مدينة غزة المكتظة بالسكان، ويعد من أكثر الأماكن أمنًا بالنسبة لكثير من سكانه في غزة. وعندما استهدفت الطائرات الإسرائيلية منازل في الحي، هرع رجال من الإسعاف والدفاع المدني وضباط من أمن حكومة حماس إلى المكان وظلوا ساعات وهم ينتشلون جثث الضحايا والناجين من تحت الركام. وقالت وزارة الصحة في غزة إن 43 شخصا من بينهم 10 أطفال قتلوا في غارات إسرائيل خلال ليلة السبت-الأحد على منازل في شارع الوحدة في حي الرمال من بينها منزل عائلة اشكنتنا. وانتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للأب أسفل الأنقاض وهو على قيد الحياة ويلوح بيده بإشارة النصر لحظة انتشاله. كما سحب منقذون ومسعفون جثث الزوجة عبير (29 عامًا)، والأطفال، دانا عشر سنوات، ولانا خمس سنوات، ويحيى 4 سنوات، وزين سنتين فقط، وعشرات الضحايا منهم طبيبان كانا يقطنان في نفس الحي. وبالنسبة لعائلة اشكنتنا فإن سوزي لم تكن في عداد الأحياء في البداية، قبل أن ينزل محمد الديري وهو أحد الجيران لمساعدة فرق الإنقاذ في محاولة إخراجها. وصاح الديري ومسعفون: "وجدناها بين ثلاث طبقات". ويشير الرجل إلى أن فتحة صغيرة تسلل من خلالها مع اثنين من رجال الدفاع المدني حيث كانوا يسيرون خلف بعضهم. ويضيف لوكالة أنباء ((شينخوا)): "زحفنا وراء بعض، ووقفنا بمسافات متباعدة، وقضينا ساعتين في إزالة الحجارة حتى نفتح الطريق لإخراجها، ووصلنا إليها وبدأنا بنقر الحجارة لفترة طويلة وذلك لإزالة 5 سم كانت تمنعها من التحرك، والحمد لله أخرجناها". وعندما خرج الديري والمنقذون وهم يحملون الطفلة سوزي وهي على قيد الحياة، ظلوا يرددون: "الله أكبر.. الله أكبر". وشنت إسرائيل أكثر من 1800 هجوم على غزة جوا وبحرا وبرا منذ بداية التوتر الحالي طالت مختلف مناطق القطاع وتركزت على البيوت والمباني السكنية والمقار الحكومية والبنية التحتية بحسب إحصائيات رسمية. وخلفت الهجمات واقعا إنسانيا صعبا لاسيما مع نزوح أكثر من 75 ألف فلسطيني من منازلهم في مناطق مختلفة في قطاع غزة منهم 47 ألف التمسوا الحماية في مدارس تابعة للأمم المتحدة. وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس لإذاعة الجيش الإسرائيلي بأن الهجمات على حي الرمال استهدفت أنفاقا شيدتها حركة حماس. لكن الأب المكلوم نفى تلك الادعاءات، وقال ورأسه مغطى بالضمادات لـ ((شينخوا)): "تلك الهجمات كان هدفها القتل والتدمير والتهجير لا توجد حقيقة سوى ذلك". ويشير رياض (41 عامًا) إلى أن الجميع شعر بالقلق داخل البيت لحظة الهجوم، بينما كانت زوجته تعمل على تهدئة مخاوف أطفاله وجميعهم كان في حجرة النوم بينما كان هو يجلس في الصالون لحظة الهجوم. ويضيف: "تحت الأنقاض كنت محاصرا ولا أرى شيئا، وبالكاد أتنفس، لكن الاستغاثة الصادرة عن طفلتي جعلتني أقاوم حتى تمكنت من النجاة".

مشاركة :