ارتسمت علامات مختلطة على ملامح عائلة ياسر أبو شاويش عند إدراج أسمائهم ضمن المغادرين لقطاع غزة عبر معبر رفح مع مصر اليوم (الأربعاء) بعد سيل من المحاولات الفاشلة الشهر الماضي. الطفلة نايا وماريا والأم جهان والآب ياسر كانوا يحتضنون عائلاتهم وأقاربهم في ساحة المعبر من الجانب الفلسطيني، وهم يشعرون بالحزن والخوف وفي نفس الوقت بالأمل بمغادرة تلك البيئة المروعة. وفرضت إسرائيل حصارا مشددا على غزة ردا على الهجوم المباغت الذي نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر الماضي، وتعطل العمل في معبر رفح البري الوحيد الذي يربط غزة مع العالم لحوالي أسبوعين قبل بدء دخول إمدادات غذائية وطبية محدودة يوم 22 أكتوبر الماضي. وبعد أيام سمحت بمغادرة أول دفعة من الأجانب وأصحاب الجنسيات المزدوجة والجرحى الفلسطينيين، لكن السفر تعطل بعد ذلك حتى جرى استئنافه من جديد السبت الماضي. ويواصل الجيش الإسرائيلي هجماته الجوية غير المسبوقة على مختلف أنحاء القطاع الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة للشهر الثاني على التوالي، بينما تطوق قواته البرية مدينة غزة شمال القطاع، حيث معقل حركة حماس وفق ما تقول إسرائيل. وقفزت عائلة أبو شاويش التي تمتلك جوازات سفر سويدية في سيارة مرسيديس لونها برتقالي وعلى سطحها عدد من الحقائب، وظلوا يلوحون لأقربائهم من نوافذ المركبة. وأجهشت والدة أبو شاويش وشقيقاته بالبكاء وهن يلوحن لأسرة شقيقهم المغادرة. وقال أبو شاويش (38 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) "هذه المرة السابعة التي أصل فيها إلى هنا، أخيرا سنغادر وقلوبنا تتمزق على فراق أبي وأمي وأشقائي وشقيقاتي". ومضى يقول "لن أنسى هذه الليالي والأيام المروعة، حيث لا نوم ولا راحة جراء القصف الذي لا يتوقف". وتابع "مأساة الحصول على الطعام والمياه بشكل يومي كانت حملا ثقيلا وفي إحدى المرات قصف منزل بجانب المخبز الذي كنت أنتظر أمامه من أجل الحصول على ربطة خبز". وأضاف "في بداية الحرب إحدى الهجمات أصابت المنزل المجاور لمنزل عائلتي في مدينة غزة ونجونا بأعجوبة". ورفضت مصر بقوة خطط إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء عند اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة بالقوة منذ عام 2007. وأطلق الجيش الإسرائيلي خلال الشهر الماضي والحالي سيلا من النداءات للمدنيين الفلسطينيين بضرورة مغادرة مدينة غزة وشمال القطاع إلى جنوب القطاع. ونزحت عائلة أبو شاويش من غزة إلى خان يونس، حيث أقاموا لدى أقربائهم في مدينة خان يونس ثاني أكبر مدن القطاع. ووفق أبو شاويش فإن رحلة النزوح داخل غزة كانت "مروعة وسط القصف والقنابل التي تضرب كل مكان تقريبا" وفق ما قال. وأضاف الرجل الذي عاش نصف عمرة في العاصمة السويدية ستوكهولم إلى أنه جاء إلى غزة في زيارة لأول مرة منذ عقدين من الزمن للقاء عائلته. وأشار إلى أن طفلتيه وزوجته استمتعا بالحياة مع عائلته الكبيرة في البداية، لكن بعد ذلك عاشت الأسرة أياما "قاسية ومروعة" بفعل الهجمات الجوية الإسرائيلية. ومنذ إعادة تشغيل معبر رفح، تمكن 2050 أجنبيا أو من حملة الجنسية المزدوجة و214 جريحا ومرافقا فلسطينيا بينهم 13 من مرضى السرطان من مغادرة غزة وفق إحصاءات هيئة المعابر والحدود في غزة. ووصف أمجد إدريس وهو فلسطيني يمتلك الجنسية الفلبينية الوضع في غزة بـ"الجحيم". وقال إدريس (34 عاما) إنني لابد أن أغادر وأترك زوجتي وطفلتي لأن قوانين السفر لا تسمح بمغادرتهم الآن. وإدريس تزوج من إحدى قريباته قبل عام ولم يتمكن من إتمام إجراءات حصولها على الجنسية وحتى طفلته ساره التي ولدت قبل اندلاع الحرب بيوم واحد تمتلك الجنسية الفلسطينية وليس الفلبينية. وتعيش زوجة إدريس وطفلته مع عائلته النازحة في أحد مراكز الإيواء في مدينة رفح المتاخمة للحدود مع مصر. وفي الساحة الخارجية لمعبر رفح من الجانب الفلسطينيين تتكدس عشرات الأسر فوق أمتعتهم وبعضهم لم يكن اسمه ضمن كشوف السفر المدرجة لكنهم لا يكلون عن محاولات الخروج من غزة. وقالت هالة فوزي وتحمل الجنسية المصرية وكانت برفقة أطفالها الخمسة "لازم نخرج من هنا القصف في كل مكان ولا يتوقف أبدا". وأعلنت وزارة الخارجية المصرية الأسبوع الماضي، أنها وضعت خطة لاستقبال وإجلاء 7000 أجنبي من قطاع غزة عبر معبر رفح البري، في ظل الصراع الراهن بين إسرائيل وحركة حماس. وقال أبو شاويش والد نايا (خمس سنوات) وماريا (ثماني سنوات) إن طفلتيه ترتجفان من شدة الخوف وسأعرضهما على طبيب نفسي بمجرد الوصول إلى ستوكهولم.
مشاركة :