ينقلب المؤشر عادة 180 درجة فى علاقة الجمهور بنجومه، هناك قدر من الحب يصل إلى درجة التقديس، إلا أنه فى لحظة واحدة قد يتحول إلى نصل مسموم ينغرس بلا رحمة فى سمعة الفنان، والصوت الذى كان يهتف باسم هذا النجم يصبح سوطًا يلهب به ظهر نجمه المحبوب. طوال التاريخ لم يسلم من تلك المشاعر المتطرفة حتى كبار النجوم، أمثال عبدالحليم حافظ الذى ثار عليه جمهوره فى حفل شهير قبل رحيله ببضعة أشهر وهو يغنى (قارئة الفنجان) تأليف نزار قبانى، وتلحين محمد الموجى، فبادلهم عبدالحليم الثورة بثورة مضادة، معتقدًا أن تلك مؤامرة دبرتها وردة وبليغ لإفساد الحفل، ولم يكن هذا صحيحًا على الإطلاق، مجرد وشاية صدقها عبدالحليم، لم تلتمس له الجماهير العذر، رغم أنه كان فى مرحلة متأخرة لإصابته فى الكبد، مما أثر سلبًا على مرونته، وحدث تراشق علنى، ووجدنا عبدالحليم أمام الميكرفون يقدم وصلة لتعنيف الجمهور، ولاتزال الفضائيات تحتفظ بها وكلما عرضوا قارئة الفنجان أعادوا تداول الخناقة. الناس تتابع بشغف أخبار النجوم، ومن الممكن أن يؤدى نشر معلومة حتى لو كانت مبالغًا فيها إلى قدر من الدهشة تصل إلى تخوم الغضب والاستنكار، تتوجه ضد الفنان الذى يتقاضى الملايين مقابل مسلسل أو فيلم أو إعلان، وهى من الأخبار المتكررة التى تثير كل نوازع الكراهية، والناس تسأل: (بأمارة إيه؟)، بينما هم بعد عناء عشرات من السنين ربما لا يحصلون على أى رقم تسبقه الأصفار الست أو حتى ثلاثة منها. وهكذا مثلًا تابعنا البعض بدلًا من أن يسعد بإطلالة شريهان عبر شاشة التليفزيون فى رمضان الماضى، تساءل: كم تقاضت عن هذا الإعلان؟ رغم أنه عندما شاهدها بعد الإفطار أنعشته برشاقتها، إلا أنه توقف أمام الأجر ووجده مبالغًا فيه. أتذكر أن عمر الشريف قال قبل خمسة عشر عامًا، فى أحد تسجيلاته: (الفلوس اللى بناخدها حرام)، لم يكن قطعًا يقصد الحلال والحرام بمعناه الدينى، ولكن الذائقة الشعبية تعنى مبالغًا فيها، طبعًا كتائب الإخوان أدخلتها عنوة تحت مظلة شهد شاهد من أهلها (فلوس التمثيل حرام). هل على الفنان أن يعيش داخل قوقعة مثلما كان يحدث فى الماضى؟ عليه أن يختفى اجتماعيًا، الكبار أمثال أم كلثوم وعبدالوهاب ظلوا حريصين على أن تحوطهم دائمًا أوراق (السوليفان)، حتى إن أم كلثوم رغم تقديرها لموسيقى وموهبة الموسيقار محمود الشريف تعمدت ألا تغنى من ألحانه حتى لا يتذكر الناس أنهما كانا فى منتصف أربعينيات القرن الماضى مرتبطين عاطفيًا وفى طريقهما لإعلان الزواج. عبدالحليم عندما غنى مع أحمد عدوية (السح الدح إمبوه) كذب الخبر ولم يجرؤ أحد من شهود العيان على تأكيده، بمن فيهم عدوية، إلا بعد رحيل عبدالحليم. الناس لا شعوريًا تسعد بالتلصص على حياة النجوم، ولهذا تُصنع عادة برامج النميمة التى تنتعش على تقديم الحياة الخاصة للفنان والمسكوت عنه. الجمهور لديه قناعة أنه يجب أن يصبح شريكًا فى نجاح الفنان، إذا حصل على مبلغ ضخم يقاسمه، وإذا توجه إلى عزاء فعليه أن يمنحه أولًا تأشيرة الذهاب للجامع أو الكنيسة، أما إذا قرر الذهاب إلى حفل زواج بدون إذن (يا داهية دقى)!!. [email protected] المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).
مشاركة :