لو كانت جلسة النقاش التلفزيوني بين 11 جمهورياً طامحاً إلى مجد الرئاسة الأميركية كرة القدم لكنا شاهدنا فريق الدوري الممتاز، إلا أن بين المتنافسين مَنْ كانوا يفكرون بأقدامهم كبعض لاعبي الكرة، والجدل شمل مبالغات وكذباً ومواقف مستحيلة، فأستثني من هذا الفشل أو الجهل كارلي فيورينا، المرأة الوحيدة في الجلسة. غالبية من المرشحين أيّدت بناء سور مستحيل بين الولايات المتحدة والمكسيك، ربما كان في طول سور الصين أو أطول، فهو لو بني سيمتد على مسافة ثلاثة آلاف كيلومتر تشمل صحارى وجبالاً. وفي مثل ذلك حمقاً المطالبة بطرد 11 مليون لاجئ غير شرعي من الولايات المتحدة، وبعضهم دعا إلى تحدي روسيا بإعادة بناء الأسطول السادس، أو بدء برامج صواريخ في بولندا. بل أن إثنين قالا إنهما لو فازا بالرئاسة فأول ما سيفعلان في البيت الأبيض هو تمزيق الاتفاق النووي مع إيران. وقال جيب بوش إن أخاه جورج حمى أمن أميركا بحروبه، وأرى أنه غامر بأمنها وسمعتها. السناتور مارك روبيو، الجمهوري من ولاية فلوريدا، يؤيد بناء سور ضد المهاجرين مع أنه من أسرة مهاجرين، بل أنه قال إن الرئيس أوباما «يحترم آية الله إيران أكثر من رئيس وزراء إسرائيل». أقول لهذا المنافق إن بنيامين نتانياهو مجرم حرب شن حروباً على الفلسطينيين، وفي الصيف الماضي قتل حوالى 2200 فلسطيني في قطاع غزة، معظمهم من المدنيين، وبينهم 517 طفلاً. إذا كان روبيو يرى نتانياهو بشراً سويّاً فإنني أتهمه بتأييد جرائم إسرائيل وبأن دم الأطفال على يديه مثل نتانياهو. دونالد ترامب خاطب غرائز الأميركيين لا عقولهم، وهو تراجع عن قوله: «أنظروا إلى وجهها (فيورينا)» وقال إن وجهها جميل وإنها جميلة. ثم اعترف بأنه لا يعرف ما يكفي عن السياسة الخارجية. ما سبق لم يمنعه من أن يهاجم فيورينا ويقول إنها طُرِدَت من رئاسة شركة هيوليت باكارد لأن الشركة مُنيَت بخسائر كبيرة. هي ردّت عليه بالقول إن كازينوات القمار التي يملكها أعلنت الإفلاس أربع مرات. انتظرت بعد النقاش عبر تلفزيون «سي أن أن» استطلاعات الرأي العام، وكنت أعتقد أن فيورينا متفوقة، وهي فعلاً حصلت على أصوات 22 في المئة من المتفرجين. إلا أن ترامب حصل أيضاً على أصوات 22 في المئة من المتفرجين وبعدهما على التوالي مارك روبيو وبن كارسون وتيد كروز وجيب بوش. وسرّني كثيراً أن السناتور المتطرف ليندسي غراهام كان تأييده صفراً بين المتفرجين. في جلسة النقاش الأولى بين المتنافسين الجمهوريين في 6 آب (أغسطس) في أوهايو كانت فيورينا متفوقة بين مرشحي الصف الثاني، ما جعل التلفزيون يرفعها إلى مجموعة الصف الأول، وهي تفوقت في المرة الثانية أيضاً. عارضت الإجهاض وقالت إنها ضد الحمل خارج الزواج بالوسائل الطبية، وانتقدت الحاضرين من أعضاء مجلس الشيوخ أو حكام وقالت: «إن الذي يقضي عمره ضمن النظام لا يدرك أن هذا النظام ساقط»، والجمهور في الاستديو صفق لها أكثر من بقية المشاركين مجتمعين. وقد لاحظت أنها عارضت استبدال صورة امرأة على ورقة العشرة دولارات بصورة ألكسندر هاملتون. فيورينا تستحق أن تفوز، ولكن لا أفهم شعبية ترامب فهو قاد يوماً حملات تزعم أن باراك أوباما ليس أميركياً. وفي المناظرة قال إنه «لا يعرف» الحقيقة. هو زعم يوماً أن المكسيك ترسل إلى الولايات المتحدة مجرمين مدانين بالاغتصاب، ثم يؤيده الأميركيون. عَجَبي.
مشاركة :