الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية في ولاية وسكنسن جاءت كما توقعت استفتاءات الرأي العام، فالسناتور تيد كروز تقدم على دونالد ترامب بين الجمهوريين، والسناتور بيرني ساندرز تقدم على هيلاري كلينتون بين الديموقراطيين. النتيجة مهمة، ولكن أهم منها عدد أصوات المندوبين في مؤتمر هذا الحزب أو ذاك، فهم الذين يختارون مرشح الحزب في انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. بعد التصويت في وسكنسن، نجد أن ترامب يملك أصوات 743 مندوباً وأن كروز له 517 مندوباً، وأن حاكم أوهايو جون كايسيك له 143 مندوباً. المطلوب للفوز بالترشيح عن الحزب الجمهوري هو أصوات 1237 مندوباً في مؤتمر الحزب بين 18 و21 تموز (يوليو) في كليفلاند بولاية أوهايو. بين الديموقراطيين تملك كلينتون أصوات 1749 مندوباً مقابل 1061 مندوباً لساندرز. المطلوب للفوز بالترشيح عن الحزب الديموقراطي أصوات 2383 مندوباً في مؤتمر الحزب بين 25 و28 تموز في فيلادلفيا. الانتخابات التمهيدية ستستمر حتى حزيران (يونيو) المقبل، وهناك أصوات 882 مندوباً جمهورياً لم تُحسَم بعد، ومعها أصوات 1955 مندوباً ديموقراطياً. هذا الشهر سيشهد انتخابات تمهيدية في ولايات عدة بينها كونتكت وديلاوير وماريلاند وبنسلفانيا ورود أيلاند، غير أنني أعتقد بأن التصويت في ولاية نيويورك في 19 هذا الشهر سيكون الأهم للمتنافسين من الحزبين، فالولاية هذه هي الثانية في عدد السكان بعد كاليفورنيا، وهي تقدم 95 مندوباً إلى مؤتمر الحزب الجمهوري و291 مندوباً إلى مؤتمر الحزب الديموقراطي، ما يعني أن الفوز بها إنجاز كبير لأي طامح إلى دخول البيت الأبيض. بين الجمهوريين الخيار عربياً هو بين سيّء وأسوأ منه. ترامب أحمق لا يفهم شيئاً في السياسة الخارجية وغالبية أنصاره مثله. أما كروز فهو على استعداد لبيع نفسه مقابل الفوز وتصريحاته المؤيدة لإسرائيل تزايد على ما يطلب اللوبي اليهودي (أيباك) من المرشحين. هل يصدق القارئ أن ترامب قال إن المملكة العربية السعودية «بقرة حلوب»، وهو يريد حليبها (أي مالها) في مقابل الحماية الأميركية لها. طبعاً الحماية غير موجودة، والسعودية لا تحتاج إليها. أما الوجود الأميركي في الخليج أو غيره فهو لحماية مصالح أميركية لا للدفاع عن السعودية أو الإمارات العربية المتحدة أو أي بلد عربي. بالنسبة إلى كروز، لا أستطيع أن أقول شيئاً لم يقله هو عن نفسه، فخطابه في مؤتمر اللوبي كان بذيئاً كصاحبه وهو يقول إنه يتفق مع مجرم الحرب بنيامين نتانياهو ضد «حماس»، ويصف المقاومين الفلسطينيين بأنهم إرهابيون. هو يؤيد الإرهاب الإسرائيلي لأنه «واطي». أقول له إن إسرائيل كلها أرض فلسطينية محتلة. الحاكم كايسيك أفضل من ترامب وكروز مجتمعَيْن، إلا أن حظه في الترشيح ضعيف جداً. المتنافسان من الديموقراطيين كلينتون وساندرز أفضل كثيراً. هي تملك خبرة واسعة بعد أن عملت وزيرة للخارجية في ولاية باراك أوباما الأولى، ولها مواقف عاقلة معقولة، ولا تعتبر العالم مزرعة أميركية. ساندرز يصف نفسه بأنه ديموقراطي اشتراكي والجماعات الليكودية في الولايات المتحدة تهاجمه باستمرار مع أنه يهودي لأنه لا يؤيد إسرائيل «على عَمَاها»، ويحاول أن يكون منصفاً، وقد لاحظت من مواقفه الانتخابية دفاعاً عن الإسلام والمسلمين، واعتدالاً في الكلام عن إسرائيل والفلسطينيين. لا أجزم اليوم بمَنْ سيفوز بالترشيح عن الحزبين للرئاسة، وإنما أقول إن قيادة الحزب الجمهوري تتآمر على ترامب، وأزيد أن المرشح الديموقراطي سيكون أفضل حظاً بالفوز، ليس لأنه أفضل بل لأن المرشح الجمهوري سيكون أسوأ منه كثيراً.
مشاركة :