صدر حديثا عن دار النابغة للنشر والتوزيع كتاب "مرايا الصوت والصدي حديث الشعر عن الشعر في القصيدة العربية" للباحثة والأكاديمية أستاذ النقد الأدبي الحديث بكلية الأداب جامعة الملك سعود الدكتور منى المالكي، حيث يقول الناقد والأكاديمي محمد القاضي عبر مقدمته للكتاب “هل الفرق بين الشعر والنثر ينحصر في الوزن والقافية أم إنه يتجاوز ذلك إلى خصائص أخرى في طبيعة القول قد يعدّ النثر في ضوئها شعرا، ويعدّ الشعر نثرا". ويتابع القاضي أن هذه الأسئلة في صميم الإشكال الذي تتناوله بالدرس الدكتورة منى المالكي التي تتصدّى في هذا الكتاب بالبحث لمسألة تقع على تخوم النثر والشعر: يشدّها إلى مملكة الشعر صدورها عن شعراء وانخراطها في الخطاب الشعري، ويشدّها إلى مملكة النثر تعاطيها مع التنظير الذي هو عادة من اختصاص الخطاب المفهومي الذي يريد أن يحيط بالظواهر وأن يدرجها في سياق فكري محدد. ويشير القاضي إلى أن “الموضوع طريف لأنه يعالج ظاهرة قديمة متجددة هي تحول الشيفرات المرتبط بتغير آفاق القراءة. ذلك أن كل انتقال في مفهوم الشعر، سواء في علاقته بالشاعر أو بالوظائف التي يراد من الخطاب أن يضطلع بها في السياق الفكري أو الاجتماعي أو السياسي أو التاريخي، يقتضي ضربا من التعبير والإفضاء والتوضيح، مما يمكّن للشاعر من أن ينشئ جسرا للترابط مع القراء، ويخرج الخطاب الشعري من حيز الغموض والقطيعة الإبيستمولوجية إلى حيز الوضوح المفهومي”. ويضيف القاضي :"لعل المبحث الذي خصصته للتناص يشكل إضافة حقيقية لمسألة الشعر على الشعر، لأن نمو تلك الظاهرة دليل على أن الشاعر يريد أن يهيئ للقارئ مساحة يحقق من خلالها للنص مفهومية جديدة وبالتالي مقروئية تتلاءم والأفق الجديد الذي يسعى إلى إرسائه. ولا يستقيم ذلك إلا على أرضية من العلاقة الجدلية بين القديم والجديد”. ويختم القاضي "إذا أضفنا إلى اتساع الأفق المعرفي في مستوى التنظير النقدي، والاطلاع على مدونة الشعر العربي القديم والجديد، والقدرة على التوليد والتقاط الشوارد، تلك السلاسة التي يتسم بها الكتاب وتلك اللغة التي تسير بنا سيرا رفيقا إلى المعاني الثاوية، أدركنا أن هذا الكتاب، على ما فيه من توقّل في مضايق الإبداع الشعري، جولة رائقة تأخذنا عبرها د . منى المالكي برهافة حس وسلامة ذوق إلى لحظات من المتعة الروحية الخالصة.
مشاركة :