فجر الأحد الفائت وقّعت إيران بجنيف على اتفاق توصّلت إليه مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي «أمريكا، والصين، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا» زائد واحد «ألمانيا»، وصفته المجموعة الدولية بأنه اتفاق يحد من البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع بعض العقوبات الاقتصادية، تمهيدًا لمفاوضات قادمة تؤدي إلى حل دائم لقضية البرنامج النووي الإيراني.. بينما قال الإيرانيون: إنه اتفاق اعترف بحق إيران في تطوير برنامجها النووي وضمن لها الاستمرار في تخصيب اليورانيوم. وما أن جرى الإعلان عن الوصول إلى اتفاق حتى قامت أشتون، مفوضة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوربي، والتي قادت فريق المفاوضات مع الإيرانيين في جنيف، بمعانقة وزير الخارجية الأمريكي، كيري، فرحًا بتلك النتيجة، وقام كيري بمصافحة نظيره الروسي، سيرجي لافروف بحرارة، بينما تعانق وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف ووزير الخارجية الفرنسية، لوران فابيوس.. وكرر الأمريكيون القول إن الاتفاق هو «إجراء لبناء الثقة»، وأعلن الإيرانيون صباح الأحد أن واشنطن أفرجت عن ثمانية بلايين دولار من الأرصدة المجمدة لديها، بعد بضع ساعات من توقيع الاتفاق. وفي هذه المرحلة من الصعب التكهن فيما إذا كان الاتفاق الخماسي مع إيران هو «غلطة تاريخية» ستؤدي لقيام إيران بتصنيع قنبلة نووية، كما قال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في تصريح علني أدلى به أمام مجلس وزرائه، أم أن هذا الاتفاق سيؤدي إلى تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المزدحمة بالشرور والأشرار، والمجهول فيها أكثر من المعلوم. ومن الواضح أنه بالرغم عن أن المحادثات الحقيقية مع إيران جرت قبل لقاء جنيف وقام بها مسؤولون وموفدون أمريكيون، إلا أن واشنطن رغبت في إضفاء صفة دولية على ما اتفقت على جزء كبير منه مع الإيرانيين، بينما كانت الدول الأخرى غير ممانعة في الاستجابة للرغبة الأمريكية للوصول إلى اتفاق مع إيران لاعتبارات سياسية أهمها أن النزاع في منطقة الشرق الأوسط أكانت إسرائيل طرفًا فيه أو إيران أو العراق، وغيرها، فإن أمريكا هي التي تتبنى دبلوماسيًا وعسكريًا معالجته، وهذا الوضع يقود إلى الاعتقاد أن هناك تفاصيل وتفاهمات تم البحث فيها، والاتفاق على بعضها، خلال المباحثات الثنائية فيما بين الأمريكيين والإيرانيين والتي غُلِّفت بسرية كاملة، ولم توضع على طاولة المباحثات في جنيف. ومن ناحية أخرى فإن كل جانب، أمريكا من ناحية وإيران من ناحية أخرى، ليس من المتوقع أن تكون رؤية كل منهما لما يعنيه هذا الاتفاق متطابقة، ومطلوب الانتظار لسماع التحليلات الإيرانية لمعرفة مطابقتها أو عدم ذلك للأقوال الأمريكية. ويضاف إلى هذه الاحتمالات واقع عدم الثقة القائم في الشرق الأوسط تجاه الإدارة الأمريكية الحالية ونواياها، وشمل ذلك الصديق والحليف الأقرب لأمريكا: إسرائيل. وتؤدي عدم الثقة إلى التشكك والتشكيك فيما اتفقت عليه واشنطن حقًا مع طهران. الحذر والترقب سيكون هو السائد من الآن فصاعدًا لما يعنيه (تهافت) الإدارة الأمريكية الحالية للوصول إلى اتفاق سريع وغير كامل وبدون ضمانات حقيقية مع طهران بعد سنين طويلة من الإصرار على الخصومة، فالنظام القائم بإيران لم يحدث تغييرًا في أشخاصه أو سياساته، وإذا كان يقول اليوم إنه لا ينوي إنتاج قنبلة نووية، فإن هذا كان قوله منذ بداية هذه الأزمة، والتحول الذي حدث كان في واشنطن حين تولت إدارة جديدة عبرت منذ أول يوم وصلت فيه السلطة عن رغبتها فتح صفحة جديدة بعلاقاتها الإيرانية.. بينما كان هناك تأكيد على أرض الواقع أن إيران انطلقت منذ بداية نزاعها مع أمريكا في بناء قدراتها النووية ووصلت بها إلى مراحل متقدمة جدًا تمكنها من إنتاج قنبلة نووية متى أرادت ذلك. ولكن.. يبقى علينا أن ننظر للأمر بإيجابية فنحن، في منطقة الخليج، لا نستطيع الابتعاد جغرافيًا عن إيران، وبالتالي علينا الترحيب بأي اتفاق يحمل معه احتمال أن يؤدي لوقف التجاوزات في السياسة الخارجية الإيرانية، التي لا تقودها وزارة الخارجية الإيرانية فقط، بل هناك أطراف أخرى نشطة فيها، ووضع حد لملف السعي لإنتاج سلاح نووي وبرنامج تصدير (الثورة الإيرانية) إلى باقي منطقة الشرق الأوسط، وعسى أن يكون الاتفاق الأمريكي - الإيراني هو الدخول في مرحلة جديدة تهتم طهران فيها ببناء اقتصادها ورعاية مواطنيها والتعاون مع دول الجوار في الأمن والاقتصاد والسياسة. ص. ب 2048 جدة 21451 adnanksalah@yahoo.com adnanksalah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (5) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :