ليس من المضمون ما إذا كان أوباما ، الرئيس الأميركي ، سيقضي ما تبقى له من شهور ، حتى نهاية هذا العام ، في الرئاسة قادراً على تجنب التورط في حدث خارجي يلطخ ، من وجهة نظره ، سجله القائم على عدم التدخل المباشر في أي مواجهة من أي نوع في العالم ، أم أن ما يخشاه قد يقع ، وربما في مواجهة مع روسيا .. في كل الأحوال فإن الأنظار تتجه إلى الكرسى الذي سيتركه أوباما سعياً لتقييم الرئيس القادم للولايات المتحدة الأميركية ومواقفه المتوقعة تجاه المشاكل العديدة المعلقة التي يتركها . إذ إنه يغادر الرئاسة الأميركية والعالم في وضع أشد خطراً مما تسلمه حيث ساهمت إدارته بشكل مباشر وغير مباشر في خلق أوضاع خطيرة في الشرق الأوسط وأوربا وأفريقيا وآسيا . لكن المشكلة أن الناخب الأميركي لم يحزم أمره بعد في كيفية اختياره لرئيسه القادم . فالحزبان الديموقراطي والجمهوري يعيشان مخاضاً معقداً جعل من الصعب ترجيح كفة أي مرشح بل برز ميل الناخبين في الحزب الديموقراطي نحو أقصى اليسار مقابل اليمين المتطرف بالنسبة للحزب الجمهوري .. حيث تشير الانتخابات الأولية حتى الآن فى الحزب الأول إلى تقدم برني ساندرز ، الذي يرفع شعارات تبشر بالاشتراكية ، ويحمل بعنف على رجال المال والأعمال بينما تعجز منافسته ، هيلاري كلينتون ، عن الاحتفاظ بأصوات النساء التي كانت تعتقد أنها مضمونة لها . أما الحزب الآخر ، الجمهوري ، فقد استولى على معظم الأصوات فيه حتى الآن دونالد ترمب ، المليونير الغوغائي ، شاقاً طريق كسب الأصوات بشتم كل المنافسين له وغير المنافسين أيضاً ، مما دفعه للقول إنه لو وقف وسط نيويورك وأطلق النار على أحد الأشخاص وقتله لما تأثرت شعبيته بل زادت . وعبر قادة الحزبين عن أنهم غير راضين عن اختيار الناخبين حتى الآن . ومن المرشحين الذين نشاهدهم فإنني أعتقد أن هيلاري كلينتون أكثرهم قدرة وخبرة في المجالات السياسية الداخلية والخارجية ، وستشكل فيما إذا فازت بالرئاسة ، ثنائياً مع زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون ، يستطيع مواجهة وإصلاح العديد من قضايا السياسة الخارجية ، التي تسببت إدارة أوباما في إفسادها . ومن الواضح أن قادة الحزب الديمقراطي الذي تنتمي إليه لديهم نفس هذا الاعتقاد ، وقد جندوا لها نظاماً استنوه في الثمانينيات باختيار ما يسمى ( بالسوبر مندوب ) لا يرتبط بالناخب الحزبي الذي يصوت لمرشح الحزب بل يكون له حق اختيار من يشاء من المرشحين الذي يعتقد أن بإمكانه الفوز في الانتخابات الرئاسية . وبالرغم من أن كلينتون خسرت أمام ساندرز فى أغلب الإنتخابات التمهيدية حتى الآن إلا أن عدد المندوبين الذين يتوقع تصويتهم لصالح ترشيحها بلغ (314) مندوباً وسوبر مندوب ، مقابل (44) لساندرز . احتمال فوز هيلاري كلينتون بالرئاسة يجعل من الممكن وضع تصور لما يمكن أن تكون عليه السياسة الخارجية الأميركية القادمة . ما لم تأتِ الرياح بأحد المتطرفين اليساري ساندرز أو اليميني ترمب ، وإن كانت احتمالات فوز مرشح من الحزب الجمهوري تبدو في الوقت الحاضر بعيدة . adnanksalah@yahoo.com
مشاركة :