في هذه الحياة الطويلة القصيرة، نعيش على شكل جماعات وأُسر، بعضنا يتحمل مسؤولية حياته وبعضنا يجمع بين حياته وحياة أبنائه ظنًا منه بأنه يملكهم، والآخر يخشى عليهم ولكنه يأبى أن يجعلهم كصغار الدجاج الذين لا يستطيعون العيش دون أمهم والتي بدورها تسخر لهم كافة متطلبات الحياة. قبل كل شيء نحن لسنا فراخًا، ربما كنا قبل سنوات ولكننا كبرنا، قد تكون هذه ردود أفعال الكثير من الأبناء تجاه أغلب ما يأمرهم به آباؤهم، وهذه وجهة نظر تحتمل الصواب والخطأ بتفاوت، فالحقيقة أن هناك جانبًا مهمًا لا يخفى على الآباء وهو أن أطفالهم ما عادوا صغارًا، وأنهم يستطيعون التخطيط لما سيفعلون دون مساعدة كلية، ولكنهم في الوقت ذاته لا يعرفون أن آباءهم يتألمون لسماع تلك الكلمات ويشعرون بأن أولادهم ما عادوا لهم. الآباء أيضًا بحاجة إلى تدرج في مستوى التلقي ما يعني ضرورة إيصال المعلومات إليهم بصورة تدريجية ليست مفاجئة ومؤلمة، وهذا جانبًا يحتاج إلى تلقين بالنسبة للأبناء. الأبناء أحيانًا لا يستطيعون التحكم في كل ما يقولون أو يفعلون، ولا يعلمون في أي اتجاه عليهم السير لكي لا يسقطون، وهذه طبيعة بشرية فالإنسان مهما بلغ سنه فهو ناقص وبحاجة لمن يمد له يد العون ويساعده سواءً أم أو أب أو زوج أو صديق أو غير ذلك، لذلك فإن المشكلة ليست من جانب واحد ولكن من جانبين، ولكل جانب نقاط إيجابية كما له نقاط سلبية، والثقة يجب أن تكون في اتجاهين: ثقة الأبناء بآراء آبائهم وتلقيها بصدر رحب، وثقة الآباء بأبنائهم لاستكمال رحلة الحياة. على جانب آخر نرى أن ثمة آباء لا يثقون بأبنائهم، حتى وإن قالوا بأنهم يفعلون أو كانوا حقًا يفعلون في بعض الأمور الصغيرة، تجدهم يواجهون صراعًا داخليًا كلما شاء القدر أن يعطي أبناءهم بعض القوة، ويبدون كمن يقوم بتعليم أطفاله السباحة ويزودهم بالحماية اللازمة ثم يخشى عليهم من النزول في البحر، هؤلاء بحاجة إلى إعادة برمجة لكي يبتعدون عن المشاكل التي لا تنتج سوى ألألم. من أجل ذلك ومن أجل غدٍ أفضل، نحن في فريق البحرين للإعلام التطوعي انطلاقًا من رؤيتنا وأهدافنا في خدمة المجتمع وتنميته، ندعو الآباء والأبناء إلى تعزيز ثقافة الانصات والاستماع بشكل فعال ومستمر لضمان العيش الرغيد للأجيال القادمة، وتحقيق الأسس الصحيحة لأبنائنا جيلاً بعد جيل لكي يتمهد لهم درب العطاء والنماء لهذه الأرض الطيبة. ] سوسن يوسف
مشاركة :