تكثر التكهنات والتوقعات التي تحيط بأكبر القطاعات الاقتصادية حجماً وتأثيراً على باقي القطاعات الاقتصادية وأكثرها تحفيزاً لاقتصادات دول المنطقة والعالم القطاع العقاري التي تراوحت بين بداية التراجع على الأسعار وارتفاع الأسعار، أو الانتظار حتى تسجل أسعار العقارات مزيداً من الهبوط، أو الدخول في حالة من الكساد وتراجع الجاذبية الاستثمارية. وبات من الواضح أن الزخم الاستثماري لا يزال في أفضل حالاته، الذي يتجلى فعلياً مع استمرار ونمو وارتفاع وتيرة التداولات والتصرفات العقارية لدى أغلب دول المنطقة. ويعكس مقدار الجاذبية الاستثمارية وعدالة الأسعار الحالية، وتمتع أسواق المنطقة بجاذبية استثمارية توقعت ارتفاع الأسعار إلى مستويات جديدة، إضافة إلى ما أصبحت تمثله منتجات القطاع من بيئة آمنة، وبالتالي فإن الطلب الخارجي على المنتجات العقارية يتمتع بالديمومة التي تقود في المحصلة إلى الاستدامة. لاحظ التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً على حجم وقيم التداولات العقارية على أساس يومي وأسبوعي وشهري لدى عدد من الأسواق العقارية لدول المنطقة، جاء في المقدمة الارتفاع المتواصل المسجل على التصرفات العقارية لدى إمارة دبي بشكل خاص وباقي إمارات الدولة بشكل عام، إضافة إلى التسارع الذي يسجله السوق العقاري القطري الذي يسجل ارتفاعاً على وتيرة النشاط على مستوى القيم والعدد والمواقع، وتحمل هذه المؤشرات دلالات أكثر وضوحاً عما يجري لدى السوق العقاري على مستوى الطلب المحلي والخارجي وعلى مستوى قدرة الأسعار على التماسك أو الانخفاض، إضافة إلى دلالات ذلك على مستوى تواصل النشاط العمراني للوحدات السكنية والنشاط الاستثماري بأشكاله وأحجامه كافة، فيما تحمل في المحصلة مقدار قوة أو ضعف الطلب ومصادره، والجدير ذكره عند هذا المستوى من الحراك أن السوق العقاري الإماراتي والقطري بقيت محافظة على مستوى التحفيز الاستثماري والأنشطة التنموية وفق أولويات رئيسية، وبالتالي فإن حجم الضغوط المحيطة من الممكن تجاوزها عند هذا المستوى من النشاط، الذي يعني أن السوق لا يزال يتمتع بالمزيد من فرص الاستثمار الواعدة وأن الطلب متواصل وإمكانية التعثر باتت مستبعدة على المدى المتوسط. دبي.. المقياس واعتبر تقرير المزايا أن ما يسجله السوق العقاري لدى إمارة دبي من نشاط وحراك استثماري مرتفع، يمثل أحد أهم المقاييس التي يعتمد عليها في قياس حجم الحراك المالي والاستثماري لدى الدولة ومؤشر حقيقي لنسب التراجع أو التماسك والارتفاع المسجل على التصرفات العقارية التي تم تنفيذها منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية أغسطس / آب الماضي، ووفقاً للبيانات الصادرة عن دائرة الأراضي والأملاك في دبي فإن القيمة الإجمالية للتصرفات العقارية وصلت إلى 129 مليار درهم خلال النصف الأول من العام من خلال تنفيذ 23 ألف معاملة شملت عمليات البيع والرهن وبعض الأنشطة العقارية الأخرى، فيما بلغت قيم التصرفات خلال شهر يوليو / تموز منفرداً 9.2 مليار درهم، وسجل شهر أغسطس / آب الماضي ارتفاعاً على وتيرة الصفقات المنفذة لتصل إلى 13.6 مليار درهم، ويصل إجمالي قيمة التصرفات العقارية حتى نهاية أغسطس / آب من العام الحالي إلى 151.8 مليار درهم، ويشكل الارتفاع والانخفاض المسجل قوة النشاط ومصادره ومستوى الثقة الاستثمارية بالعقارات محل الاستثمار، إضافة إلى المستوى المعنوي الذي يتمتع به أصحاب الصفقات المنفذة وإيمانهم بقدرة السوق العقاري من الحفاظ على ثرواتهم وأصولهم في المدى المنظور. ويقول تقرير المزايا إن عمليات البيع والرهن تواصلت كالمعتاد في إشارة إلى تواصل عمليات الجذب الاستثماري وعلى مستوى تواصل قنوات التمويل بالعمل التي يعكسها الارتفاع المسجل على قيم وعدد الرهونات التي استحوذت على ما يقارب 65 مليار درهم حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي، فيما استحوذت المبايعات على53 مليار درهم، وجاءت الأراضي التجارية المبني عليها في المقدمة فيما استحوذت تصرفات المباني والوحدات ما يزيد على 20 مليار درهم خلال النصف الأول من العام، ويعود الارتفاع المسجل على وتيرة النشاط إلى وجود تحسن على معنويات المستثمرين التي بات من الممكن الاعتماد على هذه المؤشرات لبناء استراتيجيات استثمارية متوسطة وطويلة الأجل معتمدة على نمو صفقات البيع والرهن وتماسك الأسعار وتمتع السوق بالسيولة المطلوبة، التي تمكن المستثمرين من التخارج بسهولة ودون خسائر، يذكر أن السوق العقاري في دبي قد سجل تراجعاً على قيم التصرفات خلال الربع الثاني من العام الحالي، وبشكل خاص على مبيعات الأراضي والفلل والوحدات السكنية لأسباب موسمية، إضافة إلى تأثير اشتراطات التمويل العقاري، وتأجيل قرارات الاستثمار بانتظار تسجيل تراجعات في السوق على مستوى الأسعار، وتحقيق فرص استثمارية أفضل. الجاذبية الاستثمارية أشار التقرير إلى تواصل الحراك الاستثماري لدى السوق العقاري القطري، فيما تواصل التداولات العقارية نموها معتمدة على الطلب المرتفع على الأراضي السكنية والتجارية التي تنتظر عدداً كبيراً من المشاريع خلال الفترة القادمة، وأظهرت البيانات الصادرة عن إدارة التسجيل العقاري القطرية أن إجمالي قيم التصرفات العقارية وصلت إلى 36 مليار ريال خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة ب 24.4 مليار ريال خلال نفس الفترة من عام 2014، محققة معدل نمو 48 %، وتمثل وتيرة النشاط المسجلة حالة من استمرار النشاط وبقاء الجاذبية الاستثمارية وارتفاع على سيولة السوق وتوفر قنوات التمويل، يذكر أن إجمالي قيم التداولات العقارية المنفذة خلال عام 2014، بلغت 53.1 مليار ريال شملت الأراضي الفضاء التي جاءت في المقدمة، والمساكن والمباني والمجمعات التجارية والعمارات السكنية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الارتفاع المسجل على أسعار العقارات المعروضة وارتفاع أسعار الأراضي المخصصة لبناء الفلل والمجمعات السكنية خلال العامين الماضيين تراوحت بين 30 40 % عملت على تخفيض إجمالي قيم وعدد الصفقات المنفذة، فيما كان الارتفاع الأكبر على الأسعار من نصيب الأراضي المخصصة لبناء الأبراج السكنية، التي يقدر الارتفاع المسجل على الأسعار المتداولة بين 80 70% خلال نفس الفترة. وأكد تقرير المزايا على أن الدعم الحكومي المتواصل يمنح السوق العقاري مزيداً من الجاذبية والنشاط ليصنف القطاع العقاري ثانياً على مستوى القطاعات الاقتصادية في الدولة بعد قطاع النفط والغاز على مستوى النمو والمساهمة في إجمالي الناتج المحلي، حيث يعتبر القطاع من أسرع النشاطات الاقتصادية نمواً الذي يعد ملاذاً آمناً للكثير من المستثمرين نظراً لما يتمتع به من دعم حكومي ومعدلات عائد مرتفعة للمستثمرين الذي يصل إلى 15% سنوياً على القطاع السكني، يذكر أن السوق العقاري القطري يسجل المزيد من الارتفاع على الأسعار المتداولة نظراً لتواصل الطلب دون أن يوازي ذلك المعروض المناسب على مستوى التوقيت والأسعار والمواقع والتنوع، ناهيك عن التأثير المباشر لارتفاع أعداد السكان، وتواصل خطط التنمية والتطوير واستمرار طرح المشروعات الاستثمارية، الأمر الذي من شأنه أن يرفع من وتيرة النشاط العمراني والاستثماري ككل. مخاطر منخفضةوعوائد مرتفعة أشار تقرير المزايا إلى أن كافة المؤشرات التي يظهرها السوق العقاري لدى دول المنطقة تبدو إيجابية وأن مؤشرات السيولة ما زالت آمنة وتبشر بالمزيد من النمو على وتيرة النشاط لدى السوق العقاري، على الرغم من استمرار الضغوط المالية والاقتصادية وحالات عدم التأكد التي تحيط بالمناخ الاستثماري لدى العديد من الدول، ويؤكد تقرير المزايا أن قرارات الاستثمار أصبحت تتمتع بمستوى ذكاء مرتفع حول العالم وأن أدوات وسبل تحديد نوع الاستثمار ومواقعه أصبح أكثر حرفية وتتمتع بمستوى مخاطر منخفض وعوائد مرتفعة، يأتي ذلك في الوقت الذي تظهر فيه البيانات الاستثمارية المتداولة إلى تواصل تدفق الاستثمارات من دول المنطقة إلى الأسواق العقارية حول العالم والتي تقدر ب 11.5 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي، استحوذت مدينة لندن على النصيب الأكبر، وجاءت هونغ هونغ ثانية في شراء العقارات، تلتها مدينة نيويورك، ناهيك عن الاستثمارات المتنوعة التي استطاع السوق العقاري التركي جذبها خلال السنوات القليلة الماضية وحتى اللحظة، واللافت هنا ارتفاع مستوى التفاعل الاستثماري بين أسواق دول المنطقة وأسواق العالم، الأمر الذي يعطي أسواق المنطقة قدرة على المنافسة ومزيداً من الاستثمار عند هذا المستوى من التطور والسيولة والعائد والجاذبية الاستثمارية.
مشاركة :