خلصت قمة جمعت في القاهرة أمس الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والتونسي الباجي قائد السبسي إلى اتفاق في شأن ملفي تعزيز العلاقات الثنائية، لاسيما الاقتصادية، وجهود مكافحة الإرهاب، وأكد الجانبان ضرورة التوصل إلى حلول سياسية شامله تنهي الأزمة السورية بما يحافظ على وحدة وسلامة سورية، وتساهم في استعادة الاستقرار والأمن إلى ليبيا. وكان الرئيس التونسي وصل إلى القاهرة أمس في أول زيارة رسمية من المقرر أن تستمر إلى اليوم، يلتقي خلالها الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، كما يحضر بصحبة السيسي، اليوم عرضاً عسكرياً لمناسبة احتفالات مصر بالذكرى 42 لحرب 6 تشرين أول (أكتوبر). وعقب القمة التي جمعت السيسي والسبسي في قصر الاتحادية الرئاسي، عقد الرئيسان مؤتمراً صحافياً، افتتحه الرئيس المصري بالترحيب بنظيره التونسي، مؤكداً «أواصر الأخوة والصداقة وخصوصية العلاقات بين البلدين، وحرصنا الدائم على تعزيز وتطوير علاقاتنا الثنائية، والارتقاء بها إلى مستوى أكثر تميزاً بما يحقق ويعظم مصالحنا المشتركة ويمكننا من مواجهة التحديات المختلفة التي تهدد البلدين». وحرص السيسي على الإشادة بالنتائج الإيجابية التي خرجت بها أعمال الدورة الخامسة عشرة للجنة العليا المشتركة بين البلدين والتي استضافتها تونس في أيلول (سبتمبر) الماضي برئاسة رئيسي وزراء البلدين، ما أسفرت عنه من توقيع 16 مذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي في مختلف المجالات بما يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون المشترك، مؤكداً «عزم حكومتي البلدين على سرعة العمل على تفعيل هذه الاتفاقات، وتذليل أية معوقات إجرائية بما يضمن دخولها حيز النفاذ، وكذا ضرورة دفع التبادل التجاري، وتعزيز علاقاتنا الاقتصادية والاستثمارية من خلال الاستخدام الأمثل للمزايا التي تتيحها الأطر المنظمة للعلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية مع التأكيد على دور القطاع الخاص في هذا الشأن». وأوضح السيسي أنه تم التطرق إلى الأوضاع في ليبيا، حيث أعربنا عن تطلعنا لـ «قبول الأشقاء الليبيين اتفاق السلام الذي ترعاه الأمم المتحدة بما يساهم في التوصل إلى النتائج الإيجابية المرجوة وفي استعادة الاستقرار والأمن إلى كل ربوع ليبيا». أما الرئيس التونسي فلفت ضمنياً في كلمته إلى «خلافات في المواقف بين القاهرة وتونس لاسيما في شأن الأزمة الليبية»، لكنه أكد أنه أتى إلى القاهرة و»هو منفتح، التقيت الرئيس السيسي في مناسبات أخرى، لمست فيه الوطنية الصادقة، نحو تفهم أوضاع الدول لاسيما الجوار، وعدم التمسك برأي وهذه خاصية نشكره عليها، جعلتنا نأتي إلى مصر ونحن نعرف مسبقاً أننا سنحصل على اتفاق شامل في كل المواضع التي طرحناها»، وأضاف: «مواقفنا كانت متجانسة، ونأمل بأن تتوافق دولنا العربية وتتجنب الدخول في عمليات غير مدروسة، وبتبادل الرأي والتشاور نوفر سبباً إضافياً لنجاح المواقف التي نتخذها». ولفت السيسي في كلمته إلى أنه تم خلال القمة «تبادل وجهات النظر والرؤى حول العديد من القضايا على الصعيدين الدولي والإقليمي، لاسيما تنامي ظاهرة انتشار الإرهاب والتطرف بصورة باتت تهدد الأمن القومي لبلادنا واستقرار دول المنطقة، وأكدنا ضرورة توحيد الجهود للتصدي الحازم لهذه الظاهرة البغيضة بكل الوسائل وبالتوازي مع تطوير الخطاب الديني بما يبرز القيم السمحة لديننا الإسلامي الحنيف». وأضاف «تطرقنا إلى التطورات المؤسفة وغير المقبولة التي يشهدها الحرم القدسي الشريف، وجددنا إدانتنا لتلك الانتهاكات التي تدفع إلى عدم الاستقرار في المنطقة، وشددنا على أن القضية الفلسطينية ستظل تحتل الأولوية في سياساتنا الخارجية حتى يحصل الشعب الفلسطيني الشقيق على كامل حقوقه المشروعة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». أما في ما يتعلق بسورية، فأشار السيسي إلى أنه تم الاتفاق على ضرورة «استمرار العمل على التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للصراع بما يضمن الحفاظ على وحدة وسلامة سورية ويلبي تطلعات الشعب السوري الشقيق». وحمل السيسي في كلمته على بعض الأطراف، التي لم يسمها، «للقيام بجر المنطقة إلى منعطف خطير»، منبهاً إلى «تحديات جسام فُرضت علينا خلال السنوات الأخيرة وتفاقمت آثارها بسبب اندلاع صراعات متعددة داخل بعض الدول العربية الشقيقة، واتفقنا على دفع آليات التنسيق والتشاور بين البلدين على المستويات كافة في مختلف المجالات والقضايا حتي نتمكن معاً من مواجهة واجتياز الأخطار التي تواجه أمتنا العربية والإسلامية». وأشار السبسي إلى أن «ما توصلنا إليه اليوم ليس فقط بالنسبة إلى المواضيع التي توافقنا عليها، ولكن للروح التي أضفت على المحادثات مؤشراً إيجابياً يبعث برسالة إلى المستقبل الذي سيشهد مزيداً من التعاون والتفاهم بين البلدين، ونحن نؤمن أن أهل مكة أدرى بشعابها، ونرفض أي تدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى وهذا مبدأ لابد أن يكون قائماً في العلاقات بين الدول، لأن هذا يجنبنا المشاكل والدخول في القضايا غير المدروسة».
مشاركة :