قضت المحكمة الكبرى الإدارية برفض دعوى أقامتها وزارة الإسكان ضد مواطن بحريني طاعن في السن، طالبةً في ختامها إلزامه بإخلاء العقار وإزالة المبنى مع إلزامه بقيمة الإزالة البالغة 3000 دينار، وذلك على زعم أن المدعى عليه تعدى على أملاك وزارة الإسكان وأقام بناءه على العقار دون وجه حق بعد 45 عاما من حيازته للعقار. ودفع المحامي محمد جاسم الذوادي وكيل المدعى عليه بعدم أحقية المدعية في أي من الطلبات الواردة في لائحة الدعوى، حيث إن المدعى عليه هو الحائز القانوني للعقار موضوع الدعوى منذ أكثر من 46 عاما حيازة هادئة مستقرة متصلة طوال الفترة السابقة، كما أن البناء الموجود عليه هو ملك له وتم بناؤه وفق الإجراءات القانونية الصحيحة بعد استخراج التصاريح اللازمة من دون خطأ أو تقصير منه، وبالإضافة إلى ذلك فلو صح زعم المدعية بأن العقار موضوع التداعي هو ملك لها وأن المدعى عليه قد قام بالبناء عليه بطريق الخطأ، فإن الخطأ في هذه الحالة غير منسوب للمدعى عليه وإنما هو خطأ مهندسي وموظفي المدعية والجهات المختصة الأخرى التي باركت هذه الأعمال بموجب التصاريح الرسمية الصادرة للمدعى عليه، وبالتالي لا يجوز محاسبة المدعى عليه عن خطأ لم يرتكبه، ولا يمكن تحميله نتيجة خطأ منسوب لغيره، كما أنه لا يمكن للمدعية أن تستفيد من خطئها وتقصيرها ومخالفتها لنصوص القانون على نحو ما هو ثابت في أوراق الدعوى وتقرير السيد الخبير المنتدب في الدعوى، وذلك استنادا للقاعدة القانونية: «لا يستفيد المخطئ من خطئة ولا المقصر من تقصيره». وتأكيدًا لذلك نصت الفقرة (أ) من المادة (852) من القانون المدني على: «إذا أحدث شخص بناءً أو غراسًا أو منشآت أخرى، بمواد من عنده، على أرض غيره بترخيص من المالك أو أنه معتقدًا بحسن نية أن له الحق في إحداثها، فلا يجوز لمالك الأرض أن يطلب الإزالة، وإنمــا يكون لــه الخيار بين أن يدفع قيمة المواد وأجرة العمل أو أن يدفع ما زاد في قيمة الأرض بسبب ما استحدث فيهــا، هذا ما لم يطلب من أحدث البناء أو الغـــراس أو المنشآت نزع ما استحدثه وأن ذلك لا يلحق بالأرض ضررًا». وقالت المحكمة في أسباب حكمها إن الثابت بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن المدعى عليه أحدث بناءه على الارض المملوكة للمدعية عن طريق الخطأ اعتقادا منه أنها الارض المملوكة له بالهبة الاميرية وانه يؤخذ على المدعية عدم معاينتها ارض التداعي قبل الاستملاك فكان من السهل وقتها الوقوف على المتسبب في الخطأ، خصوصًا انه من الواجب قانونا أن تقوم لجنة من قبل المدعية للمعاينة والتثمين قبل الاستملاك، وكان الثابت بالأوراق أن المدعى عليه احدث ذلك البناء عام 1979 بما استتبع ذلك استخراج التراخيص اللازمة للبناء وما يستلزمه من معاينة البلدية لإجراءات التراخيص والبناء وتوصيل الكهرباء والماء ومن ثم فقد توافر لديه الاعتقاد بحسن نية في أن له الحق في إقامة ذلك البناء وهو ما لا يجوز معه للمدعية طلب إزالة البناء، وأن لها أن تختار بين تعويض المدعى عليه عن قيمة البناء وأجرة العمل أو عما زاد على قيمة الأرض بسبب البناء، إلا أنه ولما كانت المدعية قد تمسكت وحتى قفل باب المرافعة بطلباتها بإزالة البناء وإلزام المدعى عليه الأول بالإخلاء وسداد مصاريف الإزالة فإنه لا يسع المحكمة والحال كذلك إلا أن تقضي برفض الدعوى في ضوء ما تمسكت به المدعية من طلبات.
مشاركة :