موقن أننى لست وحدى، فأنا عادة أستيقظ على موجة محطة الأغانى، وأكتب وهى فى حضنى وتشاركنى أيضًا أحلامى، بينما الكوابيس هى أيضًا مسؤولية الإذاعة وتلك حكاية أخرى. مؤخرًا تولى الإشراف على القناة الشاعر الغنائى ناصر رشوان، فأحدث قدرًا لا يُنكر من التطوير، وفى العادة كلما زادت كثافة الاستماع زاد الطامعون فيها، وكثر الحالمون فى الاستحواذ على موجاتها، وهو ما يفرض على المسؤول التصدى لأى محاولة اختراق. المحطة تقدم الأغانى التى نصفها عادة بالرصينة وتقع تحت مظلة (زمن الفن الجميل)، ولن أخرج عن الصف وأقول لكم إنه لم يكن فى حياتنا أبدًا زمن جميل، أقصد كله كما تعتقدون جميلًا، كان به مؤكد أيضًا قدر من القبح، ح أمشيها هذه المرة جميل، لأننى أريد الحديث عن شىء آخر أراه أكثر أهمية، وهو طريقة محطة الأغانى فى توزيع الأغانى على المطربين التى أحالت الحلم الجميل إلى كابوس مزعج، هل هى حقًا تتوخى العدالة بما يرضى الذائقة الغنائية، وتمنح كل فنان النصيب المستحق؟ تشعرك المحطة بأن عليها ضغوطًا، من هنا أو هناك أو من هنا وهناك. مع الأسف تجد مساحات زمنية مبالغًا فيها يحصل عليها نقيب الموسيقيين هانى شاكر، هل هو الذى يطلب مباشرة ذلك، أم أن البعض داخل الإذاعة يعتقد أن للنقيب ضعف حظ المطربين الآخرين، وبدون أن يطلب الرجل شيئًا تجد أن أغانيه منتشرة بقوة عبر الأثير؟!. محطة الأغانى لديها حسبة مغايرة فى اختيار الأغانى غير باقى الإذاعات التى تنتشر موجاتها على يسار ويمين المحطة، فهى تقدم ما تراه أصيلًا، وبديهى أن تفرد مساحات لجيل الثلاثينيات وحتى الستينيات. هانى شاكر ينتمى للسبعينيات، بالطبع تضاءل حضور أغانى هانى فى باقى الفضائيات العربية، وبالتالى صار تواجده داخل محطة بلده بالنسبة له هو طوق النجاة الوحيد لكى يقول (نحن هنا)، وعندما يزداد نصيب هانى فلا يمكن أن يعتقد أحد أن محمد ثروت- والفارق بينه وبين هانى فى العمر بضع سنوات قليلة- سوف يكتفى بالصمت، وهكذا كلما ارتفع منسوب هانى الرقمى الغنائى صارت الفرصة مهيأة لثروت لكى يقول إشمعنى، فهو مثلًا فى بداية عهد مبارك كان يتمتع بمكانة أكبر عند الدولة، والدنيا كلها كانت مفتوحة له باعتباره المطرب الرسمى للنظام، وعبدالوهاب لحن له ما يربو على عشر أغانى، وهو ما لم يحققه أحد من جيله. وهكذا تناثرت أغانيهما على موجات المحطة، مشكلة ثروت وهانى برغم رصيدهما الضخم عدديًا، إلا أن كلًا منهما قدم أغانى تشبه الجيل السابق عليهما بلا إضافة، فهى من الممكن توصيفها بالاستنساخ الغنائى. بينما المطربون الذين بدأوا المشوار فى نفس الحقبة الزمنية، أمثال محمد منير وعلى الحجار ومحمد الحلو وإيمان البحر درويش وقبلهما بسنوات قلائل عمر فتحى وبعدهما بسنوات قلائل مدحت صالح وعمرو دياب ومحمد فؤاد وحميد الشاعرى وأنغام، قدموا خطوة أبعد لتحديث ملامح الأغنية تشبه زمنهم. الإذاعة الرسمية غير عادلة، لن تجد مثلًا أن عفاف راضى برغم رصيدها المتنوع لها نفس القدر الذى يحظى به هانى أو ثروت، كما أن المطربين الذين تميزت أغانيهم بخصوصية ونبض مغاير تضاءل أيضًا حضورهم. يا أهل محطة الأغانى الكرام ارحموا أهل الأرض من هذا العبث الغنائى، يرحمكم من فى السماء!!. المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).
مشاركة :