غزو الوتس أب

  • 10/6/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

اليوم أصبحنا لا نتكلم مع بعض والإهمال التربوي اشتد، وأصبح اهتمام الوالدين معلقا بوسائط التواصل الاجتماعي، حتى انصرف الوالدان عن الاهتمام بأبنائهم والانشغال عن تربيتهم وحسن توجيههم، فكثير من الآباء والأمهات انشغلوا بوسائل التواصل الاجتماعية أهمها الوتس أب. ولعل أكثر ما يأخذ وقت الوالدين اليوم هو غزو الوتس أب، حتى أصبح جيل أطفالنا يوصف بجيل الرقبة المنحنية من كثرة انحناء الرأس على الهواتف، وأصبح الوتس أب اليوم يدير أوقاتنا حتى أفقدنا الإحساس بطعم الحياة والتأمل بالطبيعة والتفكر بمجريات الأحداث، والتركيز على الأهداف والاستمرار بالإنجاز. هم الواحد منا اليوم هو نقل الأخبار والأحداث التي من حوله، أكثر من أن يتفاعل مع الحدث الذي أمامه. لو رأى حادث اصطدام بين سيارتين، فيكون أول ما يفكر به هو نشر الخبر قبل أن يفكر ويبادر بمساعدة المصابين. وقد تجد شخصا جالسا في غرفة العناية المركزة بقرب أحد والديه في لحظات حياتهما الأخيرة، ويكون مشغولا بنقل أخباره من خلال الوتس أب، أكثر من انشغاله بالدعاء لهما أو الاهتمام بهما. وقد تجد أطفالا يسرحون ويمرحون في البيت من غير توجيه وتربية، بينما تكون أمهم بغرفة نومها ترسل الصور أو مقاطع الفيديو عبر الوتس أب، وأبوهم مشغولا بإرسال الطرائف والنكت لأحبابه عبر الوتس أب. بعض الآباء والأمهات يشتكون من انشغال أبنائهم بوسائل التكنولوجيا، ولو راقبوا أنفسهم لوجدوا أنهم مشغولون بالواتس أب أكثر من انشغال أبنائهم بالتكنولوجيا، حتى أصبحنا في زمن يحق لنا أن نصف أبناءنا بأنهم أيتام التكنولوجيا، فصار التعلق بالهواتف الذكية غزو العصر. وأذكر أنه في يوم من الأيام قالت لي حفيدتي الصغرى أمنيتي في الحياة أن أكون جهاز جوال حتى يهتم بي بابا وماما، فتأسفت من تعبيرها هذا في وصف الحالة التي نعيشها. ورجل كان يشتكي لي من شدة تعلق زوجته بصديقاتها عبر الواتس أب، وكل ذلك على حساب الاهتمام بالبيت وتربية الأبناء. ومن شدة تعلق الوالدين بالتكنولوجيا والهواتف الذكية يريدون أن يعالجوا مشاكلهم التربوية بنفس إيقاع التكنولوجيا السريع، ويظنون أن المشاكل التربوية مثل تسخين الطعام بالمايكروويف تعالج بشكل سريع وبجلسة واحدة أو توجيه واحد. إن التربية الميكروويفية هذه يستحيل تحقيقها لأن الإنسان ليس آلة وإنما يحتاج لصبر وتكرار توجيه ودقة متابعة، ومرونة في التعامل معه؛ من أجل تقويم سلوكه وحسن تربيته. لقد فقد الوالدان اليوم السيطرة على تربية أبنائهم في الطعام واللباس والأخلاق والمهارات؛ بسبب غزو الوتس أب والضحية هم الأبناء، يعانون من السمنة وسوء التغذية وفقدان الشهية وكثرة الأمراض النفسية والعنف الأسري من أمثال مضاعفات هذا الغزو الذي يتداول يوميا في مجتمعنا. وحسب آخر تقارير دولية ما لا يقل عن 27 مليار رسالة تربة خصبة للفضائح، وكشف الأسرار والتهديدات والطلاقات، وإخراج كل العواطف المكبوتة. إن الوالدين انتقلوا من البيت إلى المجالس الإلكترونية مع أصدقائهم وعلاقاتهم أكثر من أبنائهم. ولفت نظري بعض التعليقات على هذا الموضوع مثل: أمي تركت الاهتمام بنا وببرامجها التلفزيونية وأصبحت 24 ساعة على الوتس أب. وواضح من هذا التعليق حجم المشكلة التي نعيشها في بيوتنا، وانصراف الوالدين عن الهدف الأساسي من الزواج، وتكوين الأسرة، وهو التربية. هذا هو الغزو الحقيقي، غزو الوتس أب. للتواصل (( فاكس 6721108 ))

مشاركة :