تجربة أمين صالح السردية تحت عدسة النقاد

  • 6/19/2021
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

ضمن سلسلة «دراسات في أدب البحرين»، الصادرة عن «أسرة الأدباء والكتاب»، بالتعاون مع «دار تكوين»، صدر كتاب «قراءة في تجربة أمين صالح السردية». ليغطي جهةً من جهاتٍ متعددةٍ يمتاز بها اشتغال صالح؛ من الأدب، للكتابة السينمائية، والتلفزيونية، والمسرحية، والترجمة.. إذ يشكل اجتماع هذه الجهات، في شخصيةٍ واحدةٍ، فرادةٍ تفردت بعطائها على الساحة البحرينية، مشكلةٍ تراثًا ثقافيًا يدنو من الثلاثين كتابًا بين تأليف وترجمة، ومثل هذا العدد على صعيد الاشتغال في الكتابة السينمائية، والتلفزيونية، والمسرحية. في هذه القراءة التي شارك فيها كتاب من مختلف بلدان الوطن العربي، يُسلطُ الضوء على مختلف جوانب التجربة السردية؛ إمكاناتها، لغتها، جمالياتها، إبداعها، سماتها، وفرادتها... فاسم كأمين صالح، بهذا الغنى المتواصل العطاء، دفع باسمهِ لتجاوز الحدود المحلية، ليكون بارزاً على الصعيد الخليجي والعربي، ليجيء هذا الإصدار ويلقي بضوئه على أبعاد هذه العطاءات الثقافية، بالتزامن مع احتفاء الأسرة بعيد تأسيسها الـ50، الذي تعتزمُ فيه الأسرة، على مدى السنوات القليلة القادمة، إصدار خمسين كتاباً، احتفاءً بهذه المناسبة. بالعودة لأمين وتجربته السردية، تبرزُ في هذا الكتاب، أسماءٌ نقدية، قرأت تجربتهُ من مناحيها المختلفة، إذ يشرعُ الكتاب أولى دراستهُ، بدراسةٍ للناقدة والأكاديمية العراقية وجدان الصائغ، التي كتبت عن «سوريالية الترميز في قصائد أمين صالح»، مركزةً على مجموعة «مدائح» التي كما تقول عنها «اشتغلت صورها الشعرية وفق أنساق ملبدة بالمفارقات التي تقترب كثيراً من بعض منطلقات المدرسة الأدبية السوريالية التي تعيد صياغة العلائق بين الأشياء وقراءة الوجود لتمرير خطابها الواقعي وأنساقه الأيديولوجية المولعة بالمكان الرامز للهوية والانتماء»، وبذلك صارت الصور الشعرية لدى أمين «معادلاً فنياً يتغيّا معرفة الذات المتجذّرة بالمكان الأثير (الوطن) بسبل الوجد الصوفي والعشق الأزلي بـ(البحرين/‏ المعشوقة) مهد التاريخ والحضارة التي مجدتها هذه المدائح». فيما يتخذُ الناقد جعفر حسن، من «أسئلة الرواية» مبحثاً، يقرأُ من خلاله رواية أمين «رهائن الغيب»، حيثُ يتفحص مساراتها على صعيد السيرة، والحوار، والشخوص، واللغة الشعرية التي يمتاز بها أمين، مبيناً «لعل كل من سيقرأ رواية أمين صالح سيصطدم في بداية القراءة بذلك الاستخدام الخاص للغة»، لكن هذا الاصطدام الأولي، سرعان ما سيزول بإدراك لغة أمين، ومدّياتها الشعرية، إذ يبين جعفر «ليس غريباً على أمين صالح الدخول في الشعرية على اعتبار أنهُ ذو تجربة واسعة في هذا المجال». وفي سياقٍ مغاير، يدرسُ الناقد الدكتور فهد حسين «البحث عن هويةٍ ضائعة»، متخذاً من رواية «شمالاً.. إلى بيتٍ يحنُ إلى الجنوب»، إذ يوضح بأن أمين «بنى عالم الرواية منطلقاً من خلال ذلك الضياع الذي يكتنف الإنسان في هذا العصر، فكلما حاول العودة إلى مكانه الآمن، المكان الذي يزرع فيه الأمل، ويتوسّد الحلم، يكتشف ضعف وعدم قدرته، وهذا يعني أن الشخصية فقدت قدرتها على العيش بالشكل الطبيعي، ولكنها في الوقت نفسه تحاول العيش المتكئ على الحلم والحنين والبحث عما ينقصها»، وهذا التطرق لواقع الهوية المشتت في العصر الحالي، نجد بعضاً من أثره، في اختيارات أمين، التي ترجمها في كتاب «جيوبي مليئة بالفصول أيتها الينابيع». أما على صعيد الاشتغال النقدي المتعلق بالرواية، فقد درس الناقد التونسي رضا بن صالح، اجتهادات أمين في روايته «والمنازل التي أبحرت أيضاً»، متخذاً منها نموذجاً لدراسة «عتبات الرواية العربية بين التجريب والتجنيس»، والتي أفضى فيها إلى أن «الرواية العربية في العقود الثلاثة الأخيرة، وإن كانت واقعة تحت تأثير اللغة الواحدة واستحقاقات تاريخية مشتركة، كانت تتحرك في مستوى المنجز، وفق قانون التمرد والمغايرة. وهي مغايرة لروايات المركز سواءً كان غربياً أو عربياً، وهو تمرد على الإرث السائد بغاية تجسيد المتفرد، والتنكر للضوابط والتحديات»، مؤكداً بأن أمين اتخذ «من الرواية فضاء يسعى بواسطته ومن خلاله إلى تشكيل عوالمه السردية والفلسفية»، فكانت روايتهُ عامرة بالأساليب المبتكرة من فنون القول الشعري، الذي «منح الرواية عمقاً إنسانياً أعاد للعالم السردي وغير السردي حميميته التي فقدها، وجماليته الفطرية في لحظة تاريخية صار الجمال فيها يقدر حسب الطلب، وغدا الحسن فيها رديف القبح، لأن المقاييس غدت رجراجة، ولا يستطيع المر منا أن يميز طبيعة الجمال ودرجته لأن حضارة بلغت من الزيف والقدرة على التزييف شأواً بعيداً لا يمكن حده أو رده»، كما يعبر رضا بن صالح. كما تناول العديد من النقاد والكتاب رواية «رهائن الغيب»، فكتب اللبناني نبيل سليمان عنها بوصفها «بين السيرة والرواية»، وكتبت الناقدة المغربية زهور كرام في ذات السياق، مؤكدةً بأن أمين اعتمد «مبدأ الاختراق الأسلوبي الذي يجعل النص يتحقق من خلال حركية سردية تفتح النص على إمكانات واسعة من الإيحاء». أما الشاعر الأردني جهاد هديب، فكتب عن «أمين صالح بوصفه شاعراً»، مبيناً في إجابته على سؤالٍ يفتتح به مقاله عما إذا كان أمين شاعراً إلى جانب كونه قاص، وكاتب سيناريو.. «أمين صالح شاعر قصيدة نثر بناءً على منجز الرجل وخصوصية هذا المنجز، بل ربما هو شاعرها الأبرز في الخليج العربي كله»، مضيفاً «يكتب أمين صالح قصيدته بنثر صاف، يؤلف بحيث يكون لهذا النثر (وقعه) الخاص وليس إيقاعه الداخلي أو الخارجي، بل ربما لا يفكر في أمر من مثل: إلى أي شكل أدبي تنتمي كتابته، لكن أية قراءة نقدية محايدة وتتسم بقدر من الموضوعية تذهب بأغلب منجز أمين إلى حقل قصيدة النثر العربية». يتلوهُ علي الشرقاوي، في استعراضه لتجربة صديقه الإبداعية، تحت عنوان «سيمفونية تتحاور فيها الوجوه والأشكال والصور»، متناولاً مختلف الجوانب من سيرة صالح؛ أديباً، وكاتباً سينمائياً وتلفزيونياً ومسرحياً، ومترجماً.. متطرقاً لخصيصةٍ تميز أمين، وهي عزفه المنفرد، وسباحته ضد التيار، فأمين كما يقول الشرقاوي «لا يذهب نحو المطروق والمعروف والمكرر، دائماً تسهم كتاباته الشعرية والنثرية والمسرحية والسينمائية، في طرح كثير من الأسئلة عن الإبداع والعملية الإبداعية»، مضيفاً «أمين صالح من الكتاب الذين لا يبحثون عن الإجابات الجاهزة ولا يريدونها». فيما يطوف الكاتب والشاعر الأردني عمر شبانة، في تجربة أمين الإبداعية منذُ مجموعته القصصية «هنا الوردة هنا نرقص»، إلى روايته «رهائن الغيب»، واصفاً هذه الترجمة بالتجربة الرصينة، والمتعددة.. فهو كما يقول «من الأصوات الخليجية القليلة التي فرضت حضوراً عربياً مميزاً بقدراته الإبداعية ورصانةً في نتاجه المتعدد». أما عبده وزان فكتب عن التجربة المشتركة لأمين وقاسم حداد في «الجواشن»، وكتب شاكر عبد الحميد عن «أمين صالح.. صانع الأسطورة»، متطرقاً في لمختلف العوالم التي خاضعها أمين في كتاباته، أو اختلقها، ليؤكد «مع عالم أمين صالح نجد بوتقة القراءة البينية، وتلك التي تتأرجح بين عوالم شتى وتتراوح بين عوالم فريدة، وتحاول أن تحدث نوعاً من التكامل بينها». كما ضم الكتاب العديد من الأسماء النقدية العربية التي تطرقت لتجربة أمين، كالناقد السعودي محمد العباس، الذي كتب عن «لغة كسجدٍ لطيف»، متناولاً فرادة صالح اللغوية أو بصمته، المتمثلة في واقعيةٍ سحرية، محقونة بجرعات سريالية، كما يبين، مضيفاً، بالإضافة بماهر شرف الدين، الذي كتب تحت عنوان «اللغة إذ تمكر بالنوع»، وعناية جابر، الذي كتب عن مفردات صالح في رواية «والمنازل التي أبحرت أيضاً»، وفاطمة محسن التي تناولت «فتنة اللغة والدخول في الدائرة»، عند أمين.

مشاركة :