بين نقيضين

  • 10/8/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أستطيع القول إنني قضمت الأصابع أسفاً على أنني تركت موعد مباراة أرسنال ومانشستر يونايتد يفلت مني، ومع الإقرار بالحزن الذي تملكني لإهدار فرصة الرصد المباشر لهذا النزال المثير، فقد شعرت بشبه دوار وأنا أسمع بالفوز الكبير الذي حققه أرسنال، حتى قلت مع نفسي إن كان هناك نادٍ في البريمير ليج يشكو من انفصام الشخصية أو من الشيزوفرينيا فهو بالتأكيد أرسنال. لم يكن قد مضى غير ثلاثة أيام على الوجع الكبير الذي أصاب به أرسنال أنصاره وهو يسقط بملعب الإمارات في ليلة أوروبية حزينة أمام ضيفه أولمبياكوس اليوناني، حتى جاء أرسنال بأداء أجزم بأنه كان خرافياً، لأنه من يلحق بيونايتد مثل تلك الخسارة الثقيلة رقماً وأداءً لا بد أن يكون قد لامس درجة أولى في الجانب الفني. وقد وقفت مع الكثيرين مندهشاً ومتسائلاً بصيغة الاستنكار لا الاستفهام، كيف يقوى أرسنال على تقديم عرض كروي كامل الدسم أمام يونايتد ويصيب فيلسوفه الهولندي فان جال بالدهشة، وهو الذي كان قبل أيام خائر القوى أمام دينامو زغرب وأولمبياكوس في مساءين أوروبيين بسواد الحزن وقتامة الصورة. هل نصدق أن بمقدور فريق أن يمر بسرعة البرق بين هذين النقيضين المتباعدين واللذين نحتاج عند المرور بينهما إلى زمن ليس باليسير؟ نعم في الأمر ما يثير الدهشة، وقد تكون هي التي تأخذنا عند تحليل نتائج أرسنال قياساً على الأداء الجماعي الذي يقدمه والمستوى التكتيكي المقدم للاعبين من المدرب أرسين فينجر، فحتماً هناك حالة من اللامنطق والانفصام، فأرسنال يكاد يكون الفريق الوحيد الذي يقارع برشلونة في جاذبية وجمالية الأداء الجماعي بكل المظاهر الاحتفالية الممكنة، ولكنه لا يستطيع أبداً أن يكون مثل برشلونة في قدرته على حصد الألقاب لإعطاء هذه الهيمنة وهذه الجمالية في الأداء بعداً في المنظور. وصل الحد بمورينيو إلى القول إن أرسنال يرتكز على قاعدة من أحسن اللاعبين في العالم، ولكنه لا يستطيع الفوز دائماً بالألقاب، وزاد في غلغلة السكين عندما تساءل من أين لأرسنال كل هذا الصبر على مدرب لا يفوز بأي شيء، والحقيقة أن مورينيو كان بصدد تصفية حسابه بطريقة فيها شماتة، لأن الحديث عن وجود لاعبين مهرة بأرسنال هو بالتأكيد حديث عن براعة يظهرها فينجر في صيد هذه الأسماء من فرق صغيرة ليحولها إلى ثريات تباع بعد ذلك بالملايين. مؤكد أن ما أبرزه أرسنال أمام يونيتد وقبله أمام ليسستر يحدد بدقة القدرات الجماعية لهذا الفريق، والسؤال هو إلى أي حد يستطيع المدفعجية أن يحافظوا على هذا الوجه المشرق ويعدموا الوجه البائس الذي كان أمام زغرب وأولمبياكوس؟

مشاركة :