يقول باولو كويلو "الشغف هو الإثارة التي يحدثها ما هو غير متوقع.. هو الرغبة في التصرف بورع.. واليقين أننا سننجح في تحقيق الحلم.. الذي طالما راودنا.. يرسل الشغف إلينا إشارات لنهتدي بها في حياتنا.. ويجب أن نعرف كيف نفك رموز هذه الإشارات..!". في معنى كلمة "شغف" في معجم مختار الصحاح.. ش غ ف.. الشَّغَاف بالفتح غلاف القلب وهو جلدة دونه كالحجاب.. يقال شغفه الحب أي بلغ شغافه وبابه باب شغف..! وشغف به في المعجم.. أحبه وأولع به وتعلّق.. شُغف بالقراءة.. مثلا.. وأيضاً شغف به.. أحبه حباً شديداً.. وشغفه الحب.. تعني فتنه وأصاب قلبه.. يتطلع بشغف.. وكما يقول الشاعر: وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا..! وفي التعريف العام للشغف بعيداً عن اللغوي.. هو الرغبة القوية لإحداث فارق.. وهو مايربط الناس بمستوى عاطفة معين.. حين تكون شغوفاً فإنك تبذل كل مابوسعك لتحقيقه لأنه يهمك..! وعلى النقيض حين تجد مايلفت النظر على المستوى الذهني تكون مستعداً لبذل الوقت والجهد فيه.. لكن قد يصبح صعباً أن تبقي تركيزك فيه.. رغم أنه شيء مقبول عقلا.. لكنه ليس بالضرورة أخاذاً بشغاف القلب..! فمن المنطقي أن أذهب إلى العمل.. لكنني لا أشعر بشغف في ذلك.. وأشعر أنه أصبح روتينياً.. بالنسبة لأمر آخر كالخروج مثلا ستجد نفسك شغوفاً به ومتحمساً وتستعد له نفسياً وذهنياً.. لأنك تدخله في دائرة الحب والترفيه وما تريده.. فيلامسك وتشعر برغبة جارفة في أن تقوم به..! في القراءة مثلا ولعشاقها ستجدهم يذهبون إلى اللحظة التي ينغمسون فيها داخل صفحات كتاب بحب وعشق كبيرين.. يدفعهم الشغف لهذه اللحظة وهو شغف متصل ولايتوقف لأنه هنا يتحول إلى غرام أبدي.. يصعب التخلص منه..! فما الشغف؟ هو مرتبط بالمعتقد وهو نابع من القلب وأنت كما يقول أحدهم تكون في الغالب شغوفاً بالقيام بأعمال تندفع إليها برغبة جارفة وتستطيع إنجازها.. فعندما ترغب في القيام بعمل ما مدفوعاً برغبتك ستحققه بإجادة وسوف تشعر بالسعادة وأنت تقوم به..! وأغلب المبدعين والعباقرة والمتفوقين أجادوا وأبدعوا لأنهم شغفوا بما يقومون به.. ولأنهم كرسوا حياتهم من أجله.. والغريب أنّ الشغف لايرتبط بماستحققه لذاتك بل في الغالب ماسوف يسعدك وتحققه لغيرك.. فمثلاً هؤلاء المتطوعون في العالم في منظمات دولية غير ربحية والذين يسافرون هنا وهناك لمساعدة الفقراء والمرضى كمنظمة أطباء بلا حدود.. ستجدهم يتركون راحتهم وحياتهم الهادئة ويسافرون إلى مناطق غير آمنة وتختلف عن مناطقهم ولا توفر أياً من وسائل الراحة ومع ذلك يذهبون بشغف لا محدود من أجل فكرة آمنوا بها واستوطنتهم وعاشت معهم وسعوا بشغف شديد إلى تنفيذها.. وأحياناً يظل هذا الشغف معهم مدى الحياة لأنهم أحبوا عملا يقومون به واستمتعوا وهم يعيشون داخله رغم كل الصعاب.. إذن هو الحب وهو الرغبة المرتبطة بالإثارة.. لتقديم كل ما لديك..! في الإبداع ستجد الفنانين والكتّاب يرتبطون بالشغف وستقرأ لأحدهم أنه توقف عن العمل لأنه فقد شغفه ولم يعد يشعر بالمتعة وهو يؤديه.. ولذلك لم يعد قادراً على الإبداع.. ذلك أنّ الموهبة ترتبط بالجهد ولكن كليهما مرتبط بالشغف والرغبة.. فجهد مع موهبة أو رغبة لايقدم متعة.. وستجده عندما يكتب أو يعمل تقليدياً وليس هو المبدع الذي تعودته..! البعض يختفي لفترة محاولا استعادة شغفه الذي فقده.. استرداد ماضاع منه.. لأنه بدونه لايمكن أن يحقق أي شيء.. ولذلك تجد لاعباً موهوباً اختفى رغم وجوده في الملاعب والسبب أنه فقد شغفه باللعبة ولم يعد عاشقاً كما كان.. أو مبدعا اعتاد أن يبهرك وفجأة اختفى وعند سؤاله يجيب ببساطة.. إنه فقد شغفه بما كان يقوم به.. ولو استعاده فسوف يعود مرة أخرى..! ينطبق ذلك على الحياة العامة ستجد أحدهم ممتنعاً عن السفر رغم أنه كان كثير الترحال وعندما تسأله يجيبك: إنه تشبع من السفر وإنه فقد رغبته أو شغفه الذي يدفعه لأن يسافر.. تفقد رغبتك أيضاً في الخروج.. وفي العمل..! ولكن الأسوأ أن تفقد رغبتك في الحياة وأن يختفي شغفك بها.. وتغيب كل تلك الإثارة التي كنت تشعر بها وأنت تعمل أو تندفع لتفتح أبواب الحياة المغلقة وتتغلب على مصاعبها.. ومع ذلك من يفهم الحياة عليه أن يستوعب أن الشغف متحول.. ومتغير.. مثله مثل الأيام.. وأنك قد تفقده اليوم ولكن قد تسترده لو حاولت مستقبلا ولا يمنع أن تكون استراحة محارب.. أو غفوة.. أو استكانة تسترد بعدها حياتك مرة أخرى وشغفك بأشياء أخرى.. وليس بنفس الأشياء التي كنت تقوم بها..!
مشاركة :