تحقيق إخباري: امرأة سورية تعمل سائقة "توك توك" للتغلب على ظروف الحياة الصعبة

  • 5/31/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تستهل المرأة السورية رشا الحسن البالغة من العمر (46 عاما) يومها بقيادة "التوك توك" على أمل أن تحصل على رزق وفير، وأن تعود سالمة غانمة إلى بيتها وأولادها الذين ينتظرونها في المنزل. وتبدأ رحلة عمل رشا الحسن على "التوك توك"، وهي مركبة ذات ثلات عجلات تستخدم غالبا كوسيلة للانتقال بالأجرة، حوالي الساعة العاشرة صباحا، منطلقة من منزلها الكائن في منطقة التضامن شرق دمشق، متجهة نحو ضواحي العاصمة دمشق وتجوب من مكان إلى آخر، لعل أحدا من الزبائن يطلب منها أن تؤدي له خدمة ما، وتحصل من خلالها على أجر مقابل تلك الخدمة، وأحيانا تقوم بنقل الركاب من مكان إلى أخر وخاصة في شوارع مدينة دمشق القديمة الضيقة التي لا يسمح للسيارة بالدخول إليها. ورشا الحسن دفعتها ظروف الحياة الصعبة، للعمل على التوك توك من أجل أن تؤمن قوت أولادها الثلاثة المقيمين معها بعد مقتل زوجها أثناء الحرب التي اندلعت في سوريا منذ عام 2011، وأن تكافح بجد وتخوض ميادين العمل بدءا من العمل في أحد شركات الحواسيب بدمشق إلى مدرسة لمادة اللغة الإنجليزية، ثم سائقة تاكسي ليستقر بها الحال إلى أن تعمل سائقة على "توك توك" حاليا. وروت رشا الحسن أن سبب تركها للعمل على التاكسي هو عدم توفر البنزين ومكوثها بلا عمل عدة أيام، إضافة إلى إصابتها بمرض الشقيقة برأسها (صداع شديد) ، أما اليوم فهي تعمل على "التو توك" الكهربائي الذي يعمل بواسطة البطارية المشحونة كهربائيا. وخلال سنوات الحرب التي عصفت بسوريا، عانى غالبية السوريين من شح في وقود التدفئة ووقود السيارات من بنزين ومازوت، بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، فكانت طوابير السيارات تصطف لساعات طويلة أمام محطات الوقود للحصول على كمية قليلة من البنزين، وقامت الحكومة السورية قبل عدة سنوات بهدف معالجة أزمة الوقود بتخصيص كميات محددة لكل قائد سيارة عبر بطاقة الكترونية وترسل إليه رسالة كل أسبوع مرة لاستلام كمية محددة من البنزين، وأحيانا كل 15 يوميا تقريبا حسب توفر الكمية في محطات الوقود. وقالت رشا الحسن "أخرج من بيتي يوميا حوالي الساعة العاشر صباحا بعد أن أطعم أولادي، وأتوجه من منطقة التضامن باتجاه شارع الحمرا أو الشعلان بمدينة دمشق أو أحيانا إلى باب توما شرقا، وأحيانا أنقل ركاب معي باتجاه الجامعة أو أي مكان أخر"، مؤكدة أن العمل هو قيمة للإنسان، وهي سعيدة به الآن. وتابعت تقول من خلال العمل على التوك توك تخلصت من انتظار رسالة البنزين التي كانت تأتي كل أسبوع مرة وأحيانا كل 15 يوما مرة، مؤكدة أنها تعمل بشكل يومي عبر شحن بطارية "التوك توك" يوميا، والذي يكفيها عدة ساعات للعمل. وأشارت رشا الحسن، وهي تقف أمام أحد المحلات في دمشق، وتجلس على التوك توك لتناول بعضا من العصير، إلى أن هناك بعض الصعوبات التي تواجهها أثناء عملها، وهي أن الناس لم تألف بعد أن تجد امرأة تقود توك توك، وتجوب الشوارع يوميا وتنقل الزبائن والبضائع، معربة عن سعادتها عندما تلتقي بشخص ما يلقي عليها التحية ويثني على عملها. وقالت رشا الحسن "أنا اعمل بشكل يومي داخل مدينة دمشق وأحيانا أحصل على طلبات باتجاه ريف دمشق، وهناك أقبال على استخدام التوك توك، مؤكدة أن أكثر ما يضايقها هو الأطفال الذين يركبون على التوك توك أثناء سيرها، والدراجات الهوائية التي تسير بعكس الاتجاه الأمر الذي يشكل خطرا عليها". وأضافت "أنا ملتزمة بقواعد السير، ولا ارتكب أي مخالفة مهما كانت صغيرة، ومعي إجازة سوق منذ 30 عاما"، لافتة إلى أن صبرها وعزيمتها هما ما يجعلنها تتحمل كل الأعباء التي تعيشها يوميا. وقالت "أطمح لشراء أكثر من بطارية كي أعمل لساعات أطول، إضافة لتركيب طاقة شمسية كي أتمكن من شحن البطاريات والعمل دون صعوبات"، منوهة إلى أن ظروف الحياة باتت صعبة وعلى أي إنسان أن يعمل بكل ما أوتي من قوة كي يؤمن قوت بيته. ومن جانبه قال أبو أحمد (52 عاما)، وهو تاجر البسة في سوق الحمرا بدمشق، إن "رشا الحسن امرأة مكافحة تعمل بجد ونشاط بشكل يومي، أحيانا أطلب منها أن تنقل لي بضائع من المستودع إلى المحل هنا"، مثنيا على عملها وأدائها. وبدوره أشاد غزوان الراعي (43 عاما)، وهو تاجر سوري أخر، بعمل رشا الحسن، مؤكدا أنها تتقن عملها، وأحيانا تضطر لشحن بطارية التوك توك ونساعدها بهذا الشيء، لأنها امرأة مكافحة وتستحق المساعدة. وقال الراعي "علينا أن نراعي ظروفها كونها سيدة، وعندها أولاد، وهي لم تخرج للعمل لولا أن ظروفها الصعبة دفعتها بهذا الاتجاه"، داعيا إلى ضرورة عدم التنمر عليها أثناء عملها. ■

مشاركة :