ميركل تحذر المفوضية الأوروبية من تداعيات تشديد لوائح المناخ على الصناعة

  • 6/23/2021
  • 02:05
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المفوضية الأوروبية من تداعيات تشديد لوائح حماية المناخ على قطاع التصنيع. وقالت ميركل أمس في برلين في يوم الصناعة إن دولة صناعية مثل ألمانيا بحاجة إلى شروط قابلة للتنفيذ ولا تدفع الاقتصاد إلى الخروج من أوروبا، مضيفة أنها تجرى مناقشات مكثفة حول هذا الأمر مع المفوضية الأوروبية. وبحسب "الألمانية"، تعتزم المفوضية الأوروبية تقديم حزمة تشريعية كبيرة في 14 تموز (يوليو) المقبل لتنفيذ هدف الاتحاد الأوروبي الطموح بشأن المناخ، وهو خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 55 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بعام 1990. وكان أندرياس شوير وزير النقل الألماني قد حذر من قبل المفوضية الأوروبية من سن لوائح صارمة للغاية بالنسبة لقطاع صناعة السيارات. وأكدت المستشارة الألمانية أهمية ضخ استثمارات ضخمة وإجراء إصلاحات من أجل الانتقال إلى اقتصاد موات مع أهداف حماية المناخ. وقالت: "سيتعين علينا إنفاق مبالغ ضخمة في الأعوام المقبلة .. نحن نعيش في زمن التحول"، مؤكدة أن الاستثمارات تمثل أهمية حاسمة في تحقيق ذلك. وأوضحت ميركل أن هذه من ناحية مهمة الاقتصاد، لكن من ناحية أخرى هناك مجالات لا يمكن تحقيق التحول فيها بدون دعم حكومي، مشيرة في ذلك إلى التوسع في إنتاج الرقائق الدقيقة في أوروبا أو إنتاج خلايا البطاريات للسيارات الكهربائية. وذكرت ميركل أن خطط تشديد أهداف حماية المناخ لم يتم "توضيحها" بعد، مضيفة أن هناك حاجة ماسة إلى توقعات جديدة حول الطلب على الكهرباء حتى عام 2030، مشيرة إلى أنه يمكن الافتراض أنه ستكون هناك حاجة إلى مزيد من الكهرباء بهدف التنقل الكهربائي، الذي ستحتاج على الأرجح إلى المزيد من خطوط الكهرباء الجديدة. واعترف بيتر ألتماير وزير الاقتصاد الألماني أخيرا بأن وزارته قد قللت حتى الآن من تقدير حجم الطلب على الكهرباء في ألمانيا الذي من المرجح أن يزداد في سياق التحول إلى الاعتماد على الطاقة النظيفة، معلنا عزم وزارته تقديم تقديرات جديدة. وقالت ميركل إن التوسع في الطاقة المتجددة وخطوط الكهرباء سيتطلب أيضا تسريع عمليات التخطيط والموافقة، مؤكدة ضرورة تحسن إدارة التخطيط. وفي ضوء خطط زيادة الاقتراض الحكومي في ظل أزمة كورونا، قالت ميركل إنه سيتعين إعادة ترتيب الميزانيات العامة في الأعوام المقبلة، متوقعة أن تكون هذه "مهمة صعبة للغاية". وعقدت ميركل وأورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، اجتماعا في برلين أمس. في حين حذر أوليفر تسيبزه الرئيس التنفيذي لشركة بي إم دبليو الألمانية للسيارات من انتهاج الاتحاد الأوروبي سياسة مناخ تقوم على الحظر والقيود. وخلال ندوة لبوابة "بوليتيكو" الإلكترونية، قال تسيبزه الذي يترأس الاتحاد الأوروبي للسيارات، أمس إنه ينبغي الاستفادة من كل تقنية متاحة في طريق أوروبا نحو تحقيق الحياد المناخي. تأتي هذه التصريحات على خلفية توقعات بفرض معايير معدلة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى الاتحاد الأوروبي للسيارات وسيارات الفان في تموز (يوليو) المقبل. وأكد تسيبزه أن التحول في قطاع السيارات يسير على قدم وساق مشيرا إلى أن القطاع سيسهم في تحقيق هدف حياد أوروبا مناخيا في موعد أقصاه 2050. وقال إن توفير الظروف المناسبة من شأنه أن يجعل الشركات مستعدة لزيادة الأهداف الخاصة بتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. كان تسيبزه دافع في مقابلة أجراها أمس الأول عن استراتيجية شركته الرامية إلى التخلي عن إنتاج سيارات محركات الاحتراق التقليدية بوتيرة أبطأ من منافستها المحلية اودي. وقال تسيبزه إن "صانعي القرار الحقيقيين في صناعتنا هم العملاء، ولا ينبغي أبدا إغفالهم". وأشار إلى خطط بي إم دبليو الرامية إلى وصول نسبة السيارات الكهربائية الخالصة إلى 50 في المائة من مبيعات الشركة بحلول عام 2030. يأتي ذلك في وقت كشفت فيه استطلاعات للرأي تراجع اهتمام الألمان بعواقب تغير المناخ والاحتباس الحراري بشكل كبير خلال أزمة جائحة كورونا. وقال هورست أوباشوفسكي الباحث في الشؤون المستقبلية، إن الوعي البيئي لدى الألمان آخذ في الانخفاض بشكل متواصل، موضحا أن هذا نتيجة استطلاعات أجراها معهد أوباشوفسكي للأبحاث المستقبلية (OIZ) على مدار الأعوام الثلاثة الماضية. وكان يتم سؤال ألف شخص فوق 14 عاما خلال هذه الاستطلاعات عن مواقفهم تجاه تغير المناخ. وبحسب الاستطلاعات، وافق 83 في المائة من الألمان عام 2019 على عبارة "تغير المناخ والظروف الجوية القاسية سيكونان أكبر تهديد للمستقبل"، وفي عام 2020 تراجعت نسبة مؤيدي هذه العبارة إلى 78 في المائة، ثم إلى 72 في المائة في عام 2021. وأشارت الاستطلاعات إلى أن سكان المناطق الريفية فقط هم الأكثر قلقا بشأن عواقب تغير المناخ. في المقابل، فإن جيل حركة "أيام الجمعة من أجل المستقبل"، الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و24، يفقدون باستمرار الاهتمام بقضايا المناخ. كما رصدت الاستطلاعات تراجعا قويا في الاهتمام بهذه القضية بين سكان المدن والعزاب والحاملين لشهادة تعليم أساسي. وقد ارتفعت درجة حرارة الأرض بالفعل بنحو 1.2 درجة مقارنة بأوقات ما قبل العصر الصناعي. وكان لذلك عواقب وخيمة أيضا على ألمانيا، حيث تزداد موجات الحر والجفاف بالإضافة إلى الأمطار الغزيرة والعواصف والفيضانات، بحسب المنطقة. وقال أوباشوفسكي: "تأتي القضايا الاجتماعية في مجال الصحة والرعاية والمعاشات والفقر والشعور بالوحدة في المقدمة - وتنحي المشكلات البيئية في أهميتها الذاتية"، مضيفا أن الاهتمامات الاقتصادية والنفسية والاجتماعية تطغى على البيئة بشكل متزايد. وأضاف: "التغير العالمي للمناخ أمر بعيد بالنسبة للعديد من الألمان، في حين أن عواقب الجائحة على المستوى الشخصي لها طابع وجودي"، موضحا أن هذا يشمل أيضا تعويض فترة الحياة الضائعة خلال الجائحة، مبينا أن الناس يريدون في النهاية أن يكونوا قادرين على الاستمتاع بحياتهم مرة أخرى دون الشعور بالذنب. إلى ذلك، من المرجح أن تتلقى ألمانيا مليارات اليورو كمساعدات للتعافي من الجائحة بعد أن وافقت المفوضية الأوروبية على خطط الإنفاق في برلين أمس. وعقب أسابيع من التدقيق، أقرت المفوضية الأوروبية حزمة الإغاثة الألمانية البالغة 25.6 مليار يورو من حزمة التعافي التي أقرها الاتحاد الأوروبي لمواجهة الأزمة، التي يبلغ إجمالي قيمتها 750 مليار يورو. لا يزال يتعين الحصول على موافقة دول الاتحاد الأوروبي على خطط الإنفاق الألمانية، إلا أن هذا يعد إجراء شكليا. وقالت أورزولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية في بيان صحافي: "تحتوي هذه الخطة على إجراءات أساسية ستدعم ألمانيا في الخروج من أزمة كورونا بشكل أقوى". ووفقا لمسؤول في الاتحاد الأوروبي، من المقرر إنفاق 42 في المائة من الأموال على المشاريع التي تسهم في أهداف المناخ. فقد تم على سبيل المثال تخصيص 2.5 مليار يورو لتجديد المباني السكنية لجعلها أكثر كفاءة في استخدام الطاقة. وستذهب نسبة 52 في المائة من الأموال إلى المشاريع المصممة لتعزيز التحول الرقمي في ألمانيا، والتي يتداخل بعضها مع المشاريع التي تحسب أيضا على المساهمة في التحول الأخضر. ومع ذلك قال المسؤول الأوروبي إن هذه الخطط ليست حلا شاملا لجميع التحديات التي يواجهها الاقتصاد الألماني. في المقابل، أعرب برلمانيون أوروبيون ومنظمات غير حكومية عن قلقهم في الأسابيع الأخيرة بشأن ما إذا كان معظم هذه الأموال ستستخدم فعلا فيما اتفقت دول الاتحاد الأوروبي عليه.

مشاركة :